الربانيين وكما يحدث الرسول (ص) عن بعضهم إذ شاهدهم ليلة المعراج (١).
(وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) فكما الله باين عنا في ذاته وأفعاله وصفاته ، كذلك في جنوده ، فالجنود لمن سوى الله ناصرة لأصحابها ، بما أن أصحابها قاصرة بدونها ، فكلما كثرت الجنود ازدادت أصحابها قوة وشوكة ، وكلما قلت ضعفت وانهارت ، وتعاكسها جنود الله ، فإن كيانها بعددها وعددها ليس نصرة لله ، وإنما ذكرى للبشر بما يأنسها البشر ، فان البشر لا يتذكر في الأكثر إلا بما يباشره حسّه ، فالجنود ذكرى لهم بعذاب ملموس بما تعودوها في حياتهم ، فواقع الجنود بذكراها أدخل في النفوس ، وأرهب للقلوب من قدرة تجردية إلهية غير ملموسة بنفسها.
إذا فلا التسعة عشر تنبئ عن عجزه تعالى عن تكميلها ، ولا أصل الجنود تنبئ عن حاجته إليها ، وإنما هي بعددها وعددها لحكم شتى عرّفنا الله تعالى طرفا منها وليذكّر أولوا الألباب.
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٢٨٤ ـ اخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله (ص) حدثهم عن ليلة الاسراء قال : فصعدت انا وجبريل الى السماء الدنيا فإذا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون الف ملك مع كل ملك منهم جنده مائة الف ـ وتلا هذه الآية (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ).