عَلَى الْماءِ) (١١ : ٧) ومنها ما في استوائه عليه بعد ما خلق الأرض والسماء : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى. لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) (٢٠ : ٦) عرش الالوهية والملك المطلق ، ومنها ما يعنى به عرش التدبير : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) (١٠ : ٣) ومنها عرش العلم : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٥٧ : ٤) .. وما إلى ذلك من عروش تناسب وساحة الالوهية والربوبية ، والحامل الأول والأخير لهذه العروش هو الله تعالى ، وقد يحملها من خلقه من يشاء ، يحملونه باذنه وكما يريد من مصالح الخلق ، وكما في الحملة الثمانية :
آيات ثلاث تحمل ذكر الحملة الثمانية ، ثانيتها : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٣٩ : ٧٥) تعني العرش يوم قيامة الإحياء والحساب.
وآخرها : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (٥٠ : ٧) وهي كذلك تعني يوم الحساب ثم عرش الحاقة يمتاز بأمور عدة : منها ذكر العدد «ثمانية» ومنها اختصاصهم بيوم الحساب (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) فهل لأنهم أقل منهم يوم الدنيا فزادوا يوم الدين ، أم كانوا أكثر فقلوا؟
ثم الملائكة الحافون حول العرش ليسوا كلهم حملة ، فمنهم محمولون (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) ولا ان الحملة هم الملائكة فحسب ، كما أن آيتي الحمل لا تختصانه بهم : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) فمن هم الثمانية؟ وهل كانوا يوم الدنيا أقل أو أكثر؟.
(تفسير الفرقان ـ ج ٢٩ ـ م ٧)