نقول : هنا عرش قبل خلق السماوات والأرض ، وعرش بعدهما يوم الدنيا وعرش يوم الدين ، كل حسب ما يتطلبه الخلق من حاجاتهم إلى الله فيما يصدر من لدنه تعالى ، ولعل لكل عرش حملة ، وآية الحاقة تصريحة لحملته يوم الدين «ثمانية» وتلويحة لهم يوم الدنيا ، لا ندري الآن عدتهم.
ثم الثمانية يوم الدين : هل هم أشخاص أم أصناف ثمانية؟ أم طوائف ثمان ، تأنيث العدد يوحي أنهم أشخاص ، إذ الطوائف ثمان لا ثمانية! ولا بد للأصناف من دلالة زائدة ، وإذا كانوا أصنافا فلا دليل أنهم كلهم حملة العرش.
وبما أن العرش هو المقام العلي الذي ترجع اليه أزمة جميع التدابير التكوينية والتشريعية ، فلتكن فيه جميع الوقائع والحوادث ، إلا ما يستثنى لله تعالى ، الخاص بساحة الالوهية والربوبية ، فليس العرش الذي تحمله ثمانية ، هو الذي استوى عليه الرب ، إنما قدر منه يقدر على حمله أصفياء من خلقه لتحقيق أمره فيكونوا على مستوى عظمة العرش ، ومعنى الحمل للعرش.
فحملة عرش التربية والعلم هم العلماء الربانيون من الأنبياء المرسلين والملائكة الكروبيين ، حملة الوحي إليهم ، والمدبرين أمر الخلق بأمره.
وبما أن القيامة فيها خلاصة النشأة الأولى وزيادة ، فليكن حملة العرش فيها أكثر منهم يوم الدنيا ، ويصدّق هذا الإيحاء ، إضافة إلى «يومئذ» الدال على اختصاص العدد بيوم القيامة ، يصدقه المروي عن الرسول (ص): يحمله اليوم