ولا يقاربونهم ، يريد أنّ بين الفريقين تفاوتاً بعيداً وتبايناً بيناً ، وأراد بهم من آمن من اليهود كعبد الله بن سلام وغيره ، كان على بينة (مِنْ رَبِّهِ) أى على برهان من الله وبيان أنّ دين الإسلام حق وهو دليل العقل (وَيَتْلُوهُ) ويتبع ذلك البرهان (شاهِدٌ مِنْهُ) أى شاهد يشهد بصحته ، وهو القرآن (مِنْهُ) من الله ، أو شاهد من القرآن ، فقد تقدّم ذكره آنفاً (وَمِنْ قَبْلِهِ) ومن قبل القرآن (كِتابُ مُوسى) وهو التوراة ، أى : ويتلو ذلك البرهان أيضاً من قبل القرآن كتاب موسى. وقرئ : كتابَ موسى بالنصب ، ومعناه : كان على بينة من ربه ، وهو الدليل على أنّ القرآن حق ، (وَيَتْلُوهُ) : ويقرأ القرآن (شاهِدٌ مِنْهُ) شاهد ممن كان على بينة ، كقوله (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) ، (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) ، (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) ويتلو من قبل القرآن والتوراة (إِماماً) كتاباً مؤتما به في الدين قدوة فيه (وَرَحْمَةً) ونعمة عظيمة على المنزل إليهم (أُولئِكَ) يعنى من كان على بينة (يُؤْمِنُونَ بِهِ) يؤمنون بالقرآن (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ) يعنى أهل مكة ومن ضامهم من المتحزِّبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) وقرئ : مُرية ، بالضم وهما الشك (مِنْهُ) من القرآن أو من الموعد.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (٢٢)
(يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ) يحبسون في الموقف وتعرض أعمالهم ويشهد عليهم (الْأَشْهادُ) من الملائكة والنبيين بأنهم الكذابون على الله بأنه اتخذ ولداً وشريكا ، ويقال (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) فوا خزياه ووا فضيحتاه. والأشهاد : جمع شاهد أو شهيد ، كأصحاب أو أشراف (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) يصفونها بالاعوجاج وهي مستقيمة. أو يبغون أهلها أن يعوجوا