أى بعد ما أنعم عليه بالنجاة. وقرئ (بَعْدَ أُمَّةٍ) بعد نسيان (١). يقال : أمه يأمه أمها ، إذا نسى. ومن قرأ بسكون الميم فقد خطئ (٢) (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ) أنا أخبركم به عمن عنده علمه. وفي قراءة الحسن : أنا آتيكم بتأويله (فَأَرْسِلُونِ) فابعثونى إليه لأسأله ، ومرونى باستعباره. وعن ابن عباس : لم يكن السجن في المدينة.
(يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ)(٤٦)
المعنى فأرسلوه إلى يوسف ، فأتاه فقال (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) أيها البليغ في الصدق ، وإنما قال له ذلك لأنه ذاق أحواله وتعرف صدقه في تأويل رؤياه ورؤيا صاحبه حيث جاء كما أوّل ، ولذلك كلمه كلام محترز فقال (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) لأنه ليس على يقين من الرجوع ، فربما اخترم دونه ولا من علمهم فربما لم يعلموا. أو معنى (لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) لعلهم يعلمون فضلك ومكانك من العلم ، فيطلبوك ويخلصوك من محنتك.
(قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (٤٧) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)(٤٩)
(تَزْرَعُونَ) خبر في معنى الأمر ، كقوله : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ) وإنما يخرج الأمر في صورة الخبر للمبالغة في إيجاب إيجاب المأمور به ، فيجعل كأنه يوجد ، فهو يخبر عنه. والدليل على كونه في معنى الأمر قوله (فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ). (دَأَباً) بسكون الهمزة وتحريكها ، وهما مصدرا : دأب في العمل ، وهو حال من المأمورين ، أى دائبين : إمّا على تدأبون دأباً ، وإمّا على إيقاع المصدر حالا ، بمعنى : ذوى دأب (فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ) لئلا يتسوس. و (يَأْكُلْنَ)
__________________
ـ بدله «الرشد». والامة ـ بالكسر ـ : النعمة ، وبالضم : الجيش العظيم. وارتهم : أى سترتهم قبورهم في ذلك المكان ، كناية عن موتهم ، فيدفنون في باطن الأرض بعد عظمتهم على وجهها ، ثم شبههم بالورق الذي جف فاختلفت به الصبا والدبور ، فهذه نظيرة كذا وهذه نظيرة كذا ، فألوت بمعنى التوت ، أو بمعنى : أوقعت به الى ، يعنى تطاول بهم الزمان حتى تفتت عظامهم وصارت كذلك.
(١) قوله «قرئ بعد أمه بعد نسيان» لعله أى بعد. (ع)
(٢) قوله «ومن قرأ بسكون الميم فقد خطئ» بمعنى أثم من الخطأ بالكسر ، وهو الإثم. أفاده الصحاح. (ع)