(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ) يريد العموم ، كقوله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) وعن ابن عباس رضى الله عنه. أراد أهل مكة ، أى وما هم بمؤمنين (وَلَوْ حَرَصْتَ) وتهالكت على إيمانهم لتصميمهم على الكفر وعنادهم (وَما تَسْئَلُهُمْ) على ما تحدثهم به وتذكرهم أن ينيلوك منفعة وجدوى ، كما يعطى حملة الأحاديث والأخبار (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) عظة من الله (لِلْعالَمِينَ) عامة ، وحث على طلب النجاة على لسان رسول من رسله.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ)(١٠٥)
(مِنْ آيَةٍ) من علامة ودلالة على الخالق وعلى صفاته وتوحيده (يَمُرُّونَ عَلَيْها) ويشاهدونها وهم معرضون عنها لا يعتبرون بها. وقرئ «والأرض» بالرفع على الابتداء ، ويمرون عليها : خبره. وقرأ السدّى «والأرض» بالنصب على : ويطؤن الأرض يمرّون عليها.
وفي مصحف عبد الله : والأرض يمشون عليها ، برفع الأرض ، والمراد ما يرون من آثار الأمم الهالكة وغير ذلك من العبر.
(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ)(١٠٦)
(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ) في إقراره بالله وبأنه خلقه وخلق السموات والأرض ، إلا وهو مشرك بعبادته الوثن ، وعن الحسن : هم أهل الكتاب معهم شرك وإيمان. وعن ابن عباس رضى الله عنهما : هم الذين يشبهون الله بخلقه.
(أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(١٠٧)
(غاشِيَةٌ) نقمة تغشاهم. وقيل : ما يغمرهم من العذاب ويجللهم. وقيل : الصواعق.
(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٠٨)
(هذِهِ سَبِيلِي) هذه السبيل التي هي الدعوة إلى الإيمان والتوحيد سبيلي. والسبيل والطريق : يذكران ويؤنثان ، ثم فسر سبيله بقوله (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ) أى أدعو إلى دينه مع حجة واضحة غير عمياء. و (أَنَا) تأكيد للمستتر في (أَدْعُوا). (وَمَنِ اتَّبَعَنِي) عطف عليه. يريد : أدعو إليها أنا ، ويدعو إليها من اتبعنى. ويجوز أن يكون (أَنَا) مبتدأ ، و (عَلى بَصِيرَةٍ) خبرا مقدّما ، و (مَنِ اتَّبَعَنِي) عطفاً على (أَنَا) إخباراً مبتدأ بأنه ومن اتبعه على حجة