وكل عمل له وجوه يعمل عليها ، فعلى المؤمن أن ينوى منها ما به كان حسناً عند الله ، وإلا لم يستحق به ثواباً ، وكان فعل كلا فعل (مِمَّا رَزَقْناهُمْ) من الحلال ، لأنّ الحرام لا يكون رزقا (١) ولا يسند إلى الله (٢) (سِرًّا وَعَلانِيَةً) يتناول النوافل ، لأنها في السر أفضل ـ والفرائض ، لوجوب المجاهرة بها نفياً للتهمة (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) ويدفعونها. عن ابن عباس : يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيئ غيرهم. وعن الحسن : إذا حرموا أعطوا ، وإذا ظلموا عفوا ، وإذا قطعوا وصلوا. وعن ابن كيسان : إذا أذنبوا تابوا. وقيل : إذا رأوا منكراً أمروا بتغييره (عُقْبَى الدَّارِ) عاقبة الدنيا وهي الجنة ، لأنها التي أراد الله أن تكون عاقبة الدنيا ومرجع أهلها (٣). و (جَنَّاتُ عَدْنٍ) بدل من عقبى الدار. وقرئ : فنعم ، بفتح النون.
__________________
أعددن للحدثان سا |
|
بقة وعداء علندى |
نهداً وذا شطب يقد |
|
البيض والأبدان قدا |
كم من أخ لي صالح |
|
بوأته بيدي لحدا |
ما إن هلعت ولا جز |
|
عت ولا يرد بكاى زندا |
لعمرو بن معد يكرب. يقول : ليس الجمال بفاخر الثياب. وفاعلم : اعتراض. والخطاب لغير معين ، أى ليس كذلك وإن ألبستها والبرد ، ثوب سابغ يرتدى به إن الجمال خصال حميدة أكسبت أصحابها الشرف. والحدثان : مكروه الدهر المنقلب. والسابغة الدرع ، وكانت له درع من ذهب. والعداء : الفرس الكثير العدو. والعلندى ـ بالفتح ـ : الغليظ الشديد السريع. وشيء علند : صلب ـ واعلندى البعير : اشتد. والنهد : الضخم الطويل. والشطب ـ بالضم ـ : طرائق السيف. والأبدان : الدروع القصيرة ، وإذا قطع البيضة والبدن مع أنهما من الحديد ، قطع غيرهما بالأولى : مدح نفسه بالشجاعة ، ثم بالصبر فقال : كثير من إخوانى أنزلتهم اللحود بيدي ، ومع ذلك ما جزعت لا قليلا ولا كثيراً فان زائدة. والهلع : شدة الجزع. وفي الحديث «من شر ما أوتى العبد : شح هالع ، وجبن خالع» أى يهلع فيه وكأنه يخلع فؤاده. وتزند فلان. ضاق بالجواب وغضب. والمزند : مثل في الشيء. ويقال للحقير : زندان في مرقعة ، فالزند : الشيء الحقير. ويروى : زيدا : بالياء ، على أنه زيد بن الخطاب أخو عمر رضى الله عنه ، كان صديقا له في الجاهلية. ويروى : وهل يرد بكائي؟ أى : لم أجزع ، لعلمي أنه لا ينفع.
(١) قوله «لأن الحرام لا يكون رزقا» هذا عند المعتزلة. أما عند أهل السنة فيكون رزقا كالحلال. (ع)
(٢) قال محمود : «المراد مما رزقناهم من الحلال ، لأن الحرام لا يكون رزقا ولا يسند إلى الله تعالى» قال أحمد : الحق أن لا رازق إلا الله (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) كما أنه لا خالق إلا الله (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) فإذا اقتضى العقل والسمع جميعاً أن لا رازق إلا الله فأى مقال بعد ذلك يبقى للقدرى الزاعم أن أكثر العبيد يرزقون أنفسهم لأن الغالب الحرام وهو مع ذلك مصمم على معتقده الفاسد لا يدعه ولا تكفه القوارع السمعية والعقلية ولا تردعه فبأى حديث بعد الله وآياته يؤمنون.
(٣) قال محمود : «المراد عاقبة الدنيا ومرجع أهلها ... الخ» قال أحمد : قد تكرر مجيء العاقبة المطلقة مثل (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) ، (مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ). (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) والمراد في جميع ذلك : عقبى الخير والسعادة ، والزمخشري يستنبط من تكرار مجيء العاقبة المطلقة والمراد عاقبة الخير أنها هي التي أرادها الله فهي الأصل والعاقبة الأخرى لما لم تكن مرادة بل عارضة على خلاف المراد والأصل لم يكن من حقها أن يعبر عنها إلا بتقييد يفهمها كقوله (وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ) كل ذلك من الزمخشري تهالك على أن ينسب إلى الله إرادة ما لم يقع ـ