الغافل عما يعملون ، ولكن معاملة الرقيب عليهم ، المحاسب على النقير والقطمير ، وإن كان خطابا لغيره ممن يجوز أن يحسبه غافلا ، لجهله بصفاته ، فلا سؤال فيه. وعن ابن عيينة : تسلية للمظلوم وتهديد للظالم ، فقيل له. من قال هذا؟ فغضب وقال : إنما قاله من علمه. وقرئ : يؤخرهم ، بالنون والياء (تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) أى أبصارهم لا تقرّ في أماكنها من هول ما ترى (مُهْطِعِينَ) مسرعين إلى الداعي. وقيل : الإهطاع أن تقبل ببصرك على المرئي تديم النظر إليه لا تطرف (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) رافعيها (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) لا يرجع إليهم أن يطرفوا بعيونهم ، أى : لا يطرفون ، ولكن عيونهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك للأجفان. أو لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم. الهواء : الخلاء الذي لم تشغله الأجرام ، فوصف به فقيل : قلب فلان هواء إذا كان جبانا لا قوّة في قلبه ولا جرأة. ويقال للأحمق أيضا : قلبه هواء. قال زهير :
مِنَ الظُّلْمَانِ جُؤْجُؤُهُ هَوَاءُ (١)
لأنّ النعام مثل في الجبن والحمق. وقال حسان :
فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ (٢)
__________________
(١) كأن الرحل منها فوق صعل |
|
من الظلمان جؤجؤه هواء |
أصك مصلم الأذنين أجنى |
|
له بالسن تنوم وآء |
لزهير بن أبى سلمى يصف ناقته. والصعل : المنجرد شعر الرأس والصغير الرأس. والظلمان : جمع ظليم وهو ولد النعام ، والجؤجؤ : الصدر. والهواء : الخالي الفارغ ، وجعل صدره فارغا ليكون أسرع في السير إلى طعامه. والأصك : الذي تصطك ركبتاه عند المشي لطول رجليه. وصلمه : قطعه. والتصليم : مبالغة. ويقال : أجنى الثمر إذا أدرك ، وأجنت الأرض : كثر كلؤها وخصيها. والسن ، المكان المستوى واسم موضع بعينه. والتنوم ـ وزن تنور ـ : شجر تنفلق كمامه عن حب صغير تأكله أهل البادية ، يغلب على لونه السواد. قيل : وهو شجر الشهدانج. والآء : جنس من الشجر واحده آءة. وقيل : ثمر ذلك الشجر يطلق على نوع من الصوت : والتنوم : فاعل أجنى ، أى كثر له في ذلك المكان هذان النوعان.
(٢) ألا أبلغ أبا سفيان عنى |
|
فأنت مجوف نخب هواء |
بأن سيوفنا تركت عبيداً |
|
وعبد الدار سادتها الإماء |
هجوت محمداً فأجبت عنه |
|
وعند الله في ذاك الجزاء |
أتهجوه ولست له بكفء |
|
فشركما لخيركما الفداء |
أمن يهجو رسول الله منكم |
|
ويمدحه وينصره سواء |
فان أبى ووالده وعرضي |
|
لعرض محمد منكم وقاء |
لحسان يهجو أبا سفيان قبل إسلامه. وألا التنبيه ، والمأمور بالابلاغ غير معين ، وكان الظن أن يقول : فانه ، أى : أبا سفيان ، لكن خاطبه بالذم لأنه أغيظ. ويجوز أن المأمور أبو سفيان ، فهو منادى بحذف حرف النداء. والمجوف والنخب والهواء : خالي الجوف ، أو فارغ القلب من العقل والشجاعة. وروى بدل هذا الشطر «مغلغلة فقد برح الخفاء» والمغلغلة : الحارة من الغلة بالضم ، وهي شدة العطش والحرارة. وقيل. المنقولة من مكان لآخر ، ـ