أحد منهم وكاشف كلهم ، وقشر العصا عن لحائها (١). و (ما تُوعَدُونَ) من غلبة المسلمين عليكم كائن لا محالة ، ولا بد من أن يلحقكم بذلك الذلة والصغار ، وإن كنت لا أدرى متى يكون ذلك لأن الله لم يعلمني علمه ولم يطلعني عليه ، والله عالم لا يخفى عليه ما تجاهرون به من كلام الطعانين في الإسلام ، و (ما تَكْتُمُونَ) في صدوركم من الإحن والأحقاد للمسلمين ، وهو يجازيكم عليه. وما أدرى لعلّ تأخير هذا الموعد امتحان لكم لينظر كيف تعملون. أو تمتيع لكم (إِلى حِينٍ) ليكون ذلك حجة عليكم ، وليقع الموعد في وقت هو فيه حكمة.
(قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ)(١١٢)
قرئ قل و (قالَ) ، على حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. و (رَبِّ احْكُمْ) على الاكتفاء بالكسرة. ورب احكم ، على الضم. وربى أحكم ، على أفعل التفضيل. وربى أحكم : من الإحكام ، أمر باستعجال العذاب لقومه فعذبوا ببدر. ومعنى (بِالْحَقِ) لا تحابهم وشدد عليهم كما هو حقهم ، كما قال «اشدد وطأتك على مضر» (٢) قرئ (تَصِفُونَ) بالتاء والياء. كانوا يصفون الحال على خلاف ما جرت عليه ، وكانوا يطمعون أن تكون لهم الشوكة والغلبة ، فكذب الله ظنونهم وخيب آمالهم ، ونصر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، وخذلهم.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من قرأ اقترب للناس حسابهم حاسبه الله حسابا يسيرا ، وصافحه وسلم عليه كل نبىّ ذكر اسمه في القرآن» (٣).
__________________
(١) قوله «لحائها» في الصحاح : اللحاء ـ ممدود ـ فشر الشجر. (ع)
(٢) متفق عليه من حديث أبى هريرة في قصة القنوت في صلاة الصبح.
(٣) أخرجه الثعلبي وابن مردويه من حديث أبى بن كعب