سورة الحج
مكية ، غيرست آيات ، وهي : هذان خصمان ... إلى قوله ... إلى صراط الحميد وهي ثمان وسبعون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)(١)
الزلزلة : شدّة التحريك والإزعاج ، وأن يضاعف زليل الأشياء (١) عن مقارّها ومراكزها ولا تخلو (السَّاعَةِ) من أن تكون على تقدير الفاعلة لها ، كأنها هي التي تزلزل الأشياء على المجاز الحكمي ، فتكون الزلزلة مصدرا مضافا إلى فاعله. أو على تقدير المفعول فيها على طريقة الاتساع في الظرف وإجرائه مجرى المفعول به ، كقوله تعالى (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) وهي الزلزلة المذكورة في قوله (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) واختلف في وقتها ، فعن الحسن أنها تكون يوم القيامة وعن علقمة والشعبي : عند طلوع الشمس من مغربها. أمر بنى آدم بالتقوى ، ثم علل وجوبها عليهم بذكر الساعة ووصفها بأهول صفة ، لينظروا إلى تلك الصفة ببصائرهم ويتصوّروها بعقولهم ، حتى يبقوا على أنفسهم ويرحموها من شدائد ذلك اليوم ، بامتثال ما أمرهم به ربهم من التردي بلباس التقوى ، الذي لا يؤمنهم من تلك الأفزاع إلا أن يتردوا به. وروى أنّ هاتين الآيتين نزلتا ليلا في غزوة بنى المصطلق ، فقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة ، فلما أصبحوا لم يحطوا السروج عن الدواب ، ولم يضربوا الخيام وقت النزول ، ولم يطبخوا قدرا ، وكانوا من بين حزين وباك ومفكر (٢)
__________________
(١) قوله «وأن يضاعف زليل الأشياء» أى يكرر انحراف الأشياء وتزحزحها عن مواضعها. وفي الصحاح : تقول زللت يا فلان ـ بالفتح ـ تزل زليلا : إذا زل في طين أو منطق. (ع)
(٢) هكذا ذكره الثعلبي والبغوي. قالا : روى عن عمران بن حصين وأبى سعيد الخدري وغيرهما أن هاتين الآيتين نزلتا ليلا في غزوة بنى المصطلق إلى آخره» قلت : وهو ملفق من حديثيه المذكورين. وثالثهما ابن عباس فيما رواه ابن إسحاق عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس قال «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره في غزوة بنى المصطلق إذ نزل عليه (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) ـ إلى ـ (شَدِيدٌ) فوقف على ناقته ، ورفع صوته ـ الحديث ، ورواه الترمذي والنسائي والحاكم من طريق الحسن عن عمران بن حصين «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ـ