سورة الفرقان
مكية إلا الآيات ٦٨ و ٦٩ و ٧٠ فمدنية
وآياتها ٧٧ [نزلت بعد يس]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)(٢)
البركة : كثرة الخير وزيادته. ومنها (تبارك الله) وفيه معنيان : تزايد خيره ، وتكاثر. أو تزايد عن كل شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله. والفرقان : مصدر فرق بين الشيئين إذا فصل بينهما وسمى به القرآن لفصله بين الحق والباطل. أو لأنه لم ينزل جملة واحدة ولكن مفروقا ، مفصولا بين بعضه وبعض في الإنزال (١). ألا ترى إلى قوله (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا) وقد جاء الفرق بمعناه (٢). قال :
ومشركىّ كافر بالفرق
وعن ابن الزبير رضى الله عنه : على عباده ، وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمّته ، كما قال (لقد أنزلنا إليكم) ، (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا). والضمير في (لِيَكُونَ) لعبده أو للفرقان. ويعضد رجوعه إلى الفرقان قراءة ابن الزبير (لِلْعالَمِينَ) للجنّ والإنس (نَذِيراً) منذرا أى مخوّفا أو إنذارا ، كالنكير بمعنى الإنكار. ومنه قوله تعالى (فكيف كان عذابى ونذر) ، (الَّذِي لَهُ) رفع على الإبدال من الذي نزل أو رفع على المدح. أو نصب عليه. فإن قلت :
__________________
(١) قال محمود : «يجوز أن يراد بوصفه بالفرقان تفريقه بين الحق والباطل ، ويجوز أن يراد نزوله مفرقا شيئا فشيئا كما قال. وقرآنا فرقناه» قال أحمد : والأظهر هنا هو المعنى الثاني ، لأن في أثناء السورة بعد آيات (وقالوا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) قال الله تعالى (كذلك) أى أنزلناه مفرقا كذلك (لنثبت به فؤادك) فيكون وصفه بالفرقان في أول السورة ـ والله أعلم ـ كالمقدمة والتوطئة لما يأتى بعد.
(٢) قوله «وقد جاء الفرق بمعناه» في الصحاح : والفرق أيضا : الفرقان. ونظيره : الخسر والخسران. قال الراجز : ومشركي ... الخ. (ع)