سورة النور
مدنية ، وهي اثنتان وستون آية. وقيل : أربع وستون [نزلت بعد الحشر
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١)
(سُورَةٌ) خبر مبتدإ محذوف. و (أَنْزَلْناها) صفة. أو هي مبتدأ موصوف والخبر محذوف ، أى : فيما أوحينا إليك سورة أنزلناها. وقرئ بالنصب على : زيدا ضربته ، ولا محل لأنزلناها ، لأنها مفسرة للمضمر فكانت في حكمه. أو على : دونك سورة أو اتل سورة. وأنزلناها : صفة. ومعنى (فَرَضْناها) فرضنا أحكامها التي فيها. وأصل الفرض : القطع ، أى : جعلناها واجبة مقطوعا بها ، والتشديد للمبالغة في الإيجاب وتوكيده. أو لأنّ فيها فرائض شتى ، وأنك تقول : فرضت الفريضة ، وفرّضت الفرائض. أو لكثرة المفروض عليهم من السلف ومن بعدهم (تَذَكَّرُونَ) بتشديد الذال وتخفيفها ، رفعهما على الابتداء ، والخبر محذوف عند الخليل وسيبويه ، على معنى : فيما فرض عليكم.
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٢)
(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) أى جلدهما. ويجوز أن يكون الخبر : (فَاجْلِدُوا) ، وإنما دخلت الفاء لكون الألف واللام بمعنى الذي وتضمينه معنى الشرط (١) ، تقديره : التي زنت ، والذي زنى
__________________
(١) قال محمود : «في الرفع وجهين ، أحدهما : الابتداء والخبر محذوف ، وهو إعراب الخليل وسيبويه. والتقدير : وفيما فرض عليكم الزانية والزاني ، أى : جلدهما. الثاني : أن يكون الخبر فاجلدوا ، ودخلت الفاء لكون الألف واللام بمعنى الذي وقد ضمن معنى الشرط» قال أحمد : وإنما عدل سيبويه إلى هذا الذي نقله عنه لوجهين : لفظي ومعنوي. أما اللفظي فلأن الكلام أمر وهو يخيل اختيار النصب ، ومع ذلك قراءة العامة ، فلو جعل فعل الأمر خبرا وبنى المبتدأ عليه لكان خلاف المختار عند الفصحاء ، فالتجأ إلى تقدير الخبر حتى لا يكون المبتدأ مبنيا على الأمر ، فخلص من مخالفة الاختيار ، وقد مثلهما سيبويه في كتابه بقوله تعالى (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ـ