بالشام بموضع يقال له عين وردة. وقيل بالهند. وعن ابن عباس رضى الله عنه : التنور وجه الأرض. وعن قتادة : أشرف موضع في الأرض ، أى أعلاه. وعن على رضى الله عنه : فار التنور : طلع الفجر. وقيل : معناه أن فوران التنور كان عند تنوير الفجر. وقيل : هو مثل ، كقولهم : حمى الوطيس. والقول هو الأوّل. يقال : سلك فيه : دخله. وسلك غيره ، وأسلكه. قال :
حتّى إذا أسلكوهم في قتائده (١)
(مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ) من كل أمّتى زوجين ، وهما أمة الذكر وأمّة الأنثى ، كالجمال والنوق ، والحصن والرماك (اثْنَيْنِ) واحدين مزدوجين ، كالجمل والناقة ، والحصان والرمكة : روى أنه لم يحمل إلا ما يلد ويبيض. وقرئ : من كل ، بالتنوين ، أى : من كل أمّة زوجين. واثنين : تأكيد وزيادة بيان.
جيء بعلى مع سبق الضارّ ، كما جيء باللام مع سبق النافع. قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) ، (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) ونحوه قوله تعالى (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) وقول عمر رضى الله عنه : ليتها كانت كفافا ، لا علىّ ولا لي. فإن قلت : لم نهاه عن الدعاء لهم بالنجاة؟ قلت : لما تضمنته الآية من كونهم ظالمين ، وإيجاب الحكمة أن يغرقوا لا محالة ، لما عرف من المصلحة في إغراقهم ، والمفسدة في استبقائهم ، وبعد أن أملى لهم الدهر المتطاول فلم يزيدوا إلا ضلالا ، ولزمتهم الحجة البالغة لم يبق إلا أن يجعلوه عبرة للمعتبرين. ولقد بالغ في ذلك حيث أتبع النهى عنه ، الأمر بالحمد على هلاكهم والنجاة منهم ، كقوله (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، ثم أمره أن يدعوه بدعاء هو أهم وأنفع له ، وهو طلب أن ينزله في السفينة أو في الأرض عند خروجه منها ، منزلا يبارك له فيه ويعطيه الزيادة في خير الدارين ، وأن يشفع الدعاء بالثناء عليه المطابق لمسألته ، وهو قوله (وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ). فإن قلت : هلا قيل : فقولوا ، لقوله (فَإِذَا
__________________
(١) حتى إذا أسلكوهم في قتائده |
|
شلا كما تطرد الجمالة الشرد |
لعبد مناف بن ربع الهذلي ، يصف قوما أغير عليهم فدفعوا العدو حتى أدخلوه في قتائده ، وهي ثنية بعينها ، أو عقبه بعينها ، أى : في طرائقها. وسلكه في كذا وأسلكه أيضا كما هنا : أدخله فيه. وروى : سلكوهم أيضا. وشلا : أى طردا نصب بسلوكهم ، لأن فيه معنى طردوهم : وإذا : حرف زائد لا جواب له ، لأن البيت آخر القصيد كما في الصحاح. وقيل «شلا» هو جوابه ، فهو نصب بمحذوف ، أى : حبسوا بها حبسا ، لكن لا يلائم التشبيه في قوله «كما تطرد» إلا أن يرجع لسلوكهم. والجمالة : جمع جمال وهو صاحب الجمل. والشرد ـ بفتحتين ـ : الإبل المنتشرة ، أو بضمتين : جمع شرود كعروس.