وعن مجاهد : السلام : يسلم عليه إذا لقيه. وعن الحسن : الإغضاء والصفح. وقيل : هي منسوخة بآية السيف. وقيل : محكمة ؛ لأنّ المداراة محثوث عليها ما لم تؤدّ إلى ثلم دين وإزراء بمروءة (بِما يَصِفُونَ) بما يذكرونه من أحوالك بخلاف صفتها. أو بوصفهم لك وسوء ذكرهم ، والله أعلم بذلك منك وأقدر على جزائهم.
(وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) (٩٨)
الهمز : النخس. والهمزات : جمع المرّة منه. ومنه : مهماز الرائض. والمعنى أنّ الشياطين يحثون الناس على المعاصي ويغرونهم عليها ، كما تهمز الراضة الدواب حثا لها على المشي. ونحو الهمز الأزّ في قوله تعالى (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) أمر بالتعوّذ من نخساتهم بلفظ المبتهل إلى ربه ، المكرّر لندائه ، وبالتعوذ من أن يحضروه أصلا ويحوموا حوله. وعن ابن عباس رضى الله عنهما : عند تلاوة القرآن. وعن عكرمة : عند النزع.
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(١٠٠)
(حَتَّى) يتعلق بيصفون ، أى : لا يزالون على سوء الذكر إلى هذا الوقف. والآية فاصلة بينهما على وجه الاعتراض والتأكيد للإغضاء عنهم ، مستعينا بالله على الشيطان أن يستزله عن الحلم ويغريه على الانتصار منهم. أو على قوله : وإنهم لكاذبون (١). خطاب الله بلفظ الجمع للتعظيم ، كقوله :
فإن شئت حرّمت النّساء سواكم (٢)
وقوله :
ألا فارحمونى يا إله محمّد (٣)
__________________
ـ بأحسن الحسنات في دفع السيئة. فعلى هذا تجرى المفاضلة على حقيقتها من غير حاجة إلى تأويل ، والله أعلم.
فتأمله فانه حسن جدا.
(١) قوله «أو على قوله : وإنهم لكاذبون» لعله عطف على المعنى ، فكأنه قال فيما مر : حتى رد على قوله (يَصِفُونَ). فقال هنا : أو على قوله (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ). (ع)
(٢) تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الثاني صفحة ٣٨٣ فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٣)ألا فارحمونى يا إله محمد |
|
فان لم أكن أهلا فأنت له أهل |
«ألا» استفتاحية دالة على الاهتمام بما يعقبها من الكلام ، وخاطب الاله الواحد الأحد بخطاب الجمع جريا على ـ