أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة» (١).
وفي زيارة القبور من الفوائد الدينيّة والاجتماعيّة ما تستحق العناية من أئمتنا ، فإنّها ـ في الوقت الذي تزيد من رابطة الولاء والمحبّة بين الأئمة وأوليائهم ، وتجدّد في النفوس ذكر مآثرهم وأخلاقهم وجهادهم في سبيل الحقّ ـ تجمع في مواسمها أشتات المسلمين المتفرّقين على صعيد واحد ، ليتعارفوا ويتآلفوا ، ثم تطبع في قلوبهم روح الانقياد إلى الله تعالى والانقطاع إليه وطاعة أوامره ، وتلقنهم في مضامين عبارات الزيارات البليغة الواردة عن آل البيت حقيقة التوحيد والاعتراف بقدسية الإسلام والرسالة المحمّديّة ، وما يجب على المسلم من الخلق العالي الرصين والخضوع إلى مدبّر الكائنات وشكر آلائه ونعمه ، فهي من هذه الجهة تقوم بنفس وظيفة الأدعية المأثورة التي تقدّم الكلام عليها ، بل بعضها يشتمل على أبلغ الأدعية وأسماها كزيارة «أمين الله» وهي الزيارة المرويّة عن الإمام «زين العابدين» ـ عليه السلام ـ حينما زار قبر جده «أمير المؤمنين» ـ عليه السلام.
كما تفهّم هذه الزيارات المأثورة مواقف الأئمة ـ عليهم السّلام. وتضحياتهم في سبيل نصرة الحقّ وإعلاء كلمة الدين وتجرّدهم لطاعة الله تعالى ، وقد وردت باسلوب عربيّ جزل ، وفصاحة عالية ، وعبارات سهلة يفهمها الخاصّة والعامّة ، وهي محتوية على أسمى معاني التوحيد ودقائقه والدعاء والابتهال إليه تعالى. فهي بحقّ من أرقى الأدب الديني
__________________
(١) من قول الامام الرضه عليه السلام. راجع كاما الزيارات لابن فولوبه ص ١٢٢.