بنفس ذاته ، وهو من كماله المطلق ، الذي هو عين ذاته ، ويستحيل أن ينفك عنه. ولا يرفع هذا اللطف وهذه الرحمة أن يكون العباد متمردين على طاعته ، غير منقادين إلى أوامره ونواهيه.
* * *
١٠ ـ عقيدتنا في القضاء والقدر
ذهب قوم ، وهم المجبرة ، إلى أنه تعالى هو الفاعل لأفعال المخلوقين فيكون قد أجبر الناس على فعل المعاصي ، وهو مع ذلك يعذبهم عليها ، وأجبرهم على فعل الطاعات ومع ذلك يثيبهم عليها ، لأنهم يقولون : إن أفعالهم في الحقيقة أفعاله ، وإنما تنسب إليهم على سبيل التجوز ، لأنهم محلها ، ومرجع ذلك إلى إنكار السببية الطبيعية بين الأشياء ، وأنه تعالى هو السبب الحقيقي لا سبب سواه.
وقد أنكروا السببية الطبيعية بين الأشياء ، إذ ظنوا أن ذلك هو مقتضى كونه تعالى هو الخالق الذي لا شريك له ، ومن يقول بهذه المقالة فقد نسب الظلم إليه ، تعالى عن ذلك.
وذهب قوم آخرون وهم «المفوضة» إلى أنه تعالى فوض الأفعال إلى المخلوقين ورفع قدرته وقضاءه وتقديره عنها ، باعتبار أن نسبة الافعال إليه تعالى تستلزم نسبة النقص إليه وإن للموجودات أسبابها الخاصة وإن انتهت كلها الى مسبب الاسباب والسبب الاول وهو الله تعالى. ومن يقول بهذه المقالة فقد اخرج الله تعالى من سلطانه