ولا ينسى موقف أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ مع الخلفاء الذين سبقوه ، مع توجّده عليهم واعتقاده بغصبهم لحقّه ، فجاراهم وسالمهم بل حبس رأيه في أنّه المنصوص عليه بالخلافة ، حتّى أنّه لم يجهر في حشد عام بالنصّ إلّا بعد أن آل الأمر إليه فاستشهد بمن بقى من الصحابة عن نصّ (الغدير) في يوم (الرحبة) المعروف. وكان لا يتأخر عن الإشارة عليهم فيما يعود على المسلمين أو للإسلام بالنفع والمصلحة وكم كان يقول عن ذلك العهد : «فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما».
كما لم يصدر منه ما يؤثر على شوكة ملكهم أو يضعّف من سلطانهم أو يقلّل من هيبتهم ، فانكمش على نفسه وجلس حلس البيت ، بالرغم مما كان يشهده منهم. كلّ ذلك رعاية لمصلحة الإسلام العامّة ، ورعاية أن لا يرى في الإسلام ثلما أو هدما ، حتّى عرف ذلك منه ، وكان الخليفة عمر بن الخطاب يقول ويكرّر القول : «لا كنت لمعضلة ليس لها أبو الحسن» أو «لو لا عليّ لهلك عمر».
ولا ينسى موقف الحسن بن علي ـ عليه السلام ـ من الصلح مع معاوية بعد أن رأى أنّ الإصرار على الحرب سيديل من ثقل الله الأكبر ومن دولة العدل بل اسم الإسلام إلى آخر الدهر ، فتمحى الشريعة الإلهية ويقضى على البقية الباقية من آل البيت ، ففضّل المحافظة على ظواهر الإسلام واسم الدين ، وإن سالم معاوية العدوّ الألد للدين وأهله والخصم الحقود له ولشيعته ، مع ما يتوقع من الظلم والذلّ له ولأتباعه وكانت سيوف بني هاشم وسيوف شيعته مشحوذة تأبى أن تغمد ، دون