وكفى أن نقرأ وصية الإمام موسى بن جعفر ـ عليه السّلام ـ لشيعته «لا تذلّوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم ، فإن كان عادلا فاسألوا الله بقاه ، وإن كان جائرا فاسألوا الله إصلاحه ، فإنّ صلاحكم في صلاح سلطانكم ، وأنّ السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم فأحبوا له ما تحبّون لأنفسكم ، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم» (١) ..
وهذا غاية ما يوصف في محافظة الرعيّة على سلامة السلطان أن يحبّوا له ما يحبّون لأنفسهم ، ويكرهوا له ما يكرهون لها.
وبعد هذا ، فما أعظم تجنّي بعض كتاب العصر إذ يصف الشيعة بأنّهم جمعية سريّة هدّامة. أو طائفة ثوروية ناقمة. صحيح أنّ من خلق الرجل المسلم المتّبع لتعاليم آل البيت ـ عليهم السّلام ـ بغض الظلم والظالمين والانكماش عن أهل الجور والفسوق ، والنظرة إلى أعوانهم وأنصارهم نظرة الاشمئزاز والاستنكار ، والاستيحاش والاستحقار ، وما زال هذا الخلق متغلغلا في نفوسهم يتوارثونه جيلا بعد جيل ، ولكن مع ذلك ليس من شيمتهم الغدر والختل ، ولا من طريقتهم الثورة والانتفاض على السلطة الدينية السائدة باسم الإسلام ، لا سرّا ولا علنا ، ولا يبيحون لأنفسهم الاغتيال أو الوقيعة بمسلم مهما كان مذهبه وطريقته ، أخذا بتعاليم أئمتهم ـ عليهم السّلام ـ بل المسلم الذي يشهد الشهادتين مصون المال محقون الدم ، محرم العرض «لا يحل مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفسه» ، بل المسلم أخو المسلم عليه من حقوق الأخوّة لأخيه ما يكشف عنه البحث الآتي.
__________________
(١) الوسائل فى كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الباب ١٧