ونعتقد أن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ نصّ على خليفته والإمام في البرية من بعده ، فعيّن ابن عمه علي بن أبي طالب أميرا للمؤمنين ، وأمينا للوحي ، وإماما للخلق ، في عدة مواطن ، ونصبه وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم الغدير ، فقال : «ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه كيف ما دار».
ومن أوّل مواطن النصّ على إمامته قوله حينما دعا أقرباءه الأدنين وعشيرته الأقربين فقال : «هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا» وهو يومئذ صبيّ لم يبلغ الحلم وكرّر قوله له في عدّة مرّات : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» إلى غير ذلك من روايات وآيات كريمة دلّت على ثبوت الولاية العامّة له كآية المائدة : ٥٥ (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) وقد نزلت فيه عند ما تصدّق بالخاتم وهو راكع ، ولا يساعد وضع هذه الرسالة على استقصاء كلّ ما ورد في إمامته من الآيات والروايات ، ولا بيان وجه دلالتها(١).
ثم إنّه ـ عليه السلام ـ نصّ على إمامة الحسن والحسين ، والحسين نصّ على إمامة ولده علي زين العابدين ، وهكذا إماما بعد إمام ينصّ المتقدّم منهم على المتأخر إلى آخرهم ، وهو أخيرهم على ما سيأتي.
* * *
__________________
(١) راحع كتاب السقيفة المؤلف فيه بعض الشرح لهذه الشواهد القرآنية وغيرها.