طائفة أو امة اخرى ، فاضطروا في أكثر عهودهم إلى استعمال التقية ، بمكاتمة المخالفين لهم وترك مظاهرتهم ، وستر اعتقاداتهم وأعمالهم المختصّة بهم عنهم ، لما كان يعقب ذلك من الضرر في الدين والدنيا ، ولهذا السبب امتازوا (بالتقية) وعرفوا بها دون سواهم.
وللتقية أحكام ـ من حيث وجوبها وعدم وجوبها بحسب اختلاف مواقع خوف الضرر ـ مذكورة في أبوابها في كتب العلماء الفقهيّة. وليست هي بواجبة على كلّ حال ، بل قد يجوز أو يجب خلافها في بعض الأحوال ، كما إذا كان في إظهار الحقّ والتظاهر به نصرة للدين ، وخدمة للإسلام ، وجهاد في سبيله ، فإنّه عند ذلك يستهان بالأموال ولا تعزّ النفوس. وقد تحرم التقية في الأعمال التي تستوجب قتل النفوس المحترمة ، أو رواجا للباطل أو فسادا في الدين أو ضررا بالغا على المسلمين بإضلالهم أو إفشاء الظلم والجور فيهم. وعلى كلّ حال ليس معنى التقية عند الإمامية أنّها تجعل منهم جمعية سرّية لغاية الهدم والتخريب كما يريد أن يصورّها بعض أعدائهم غير المتورّعين في إدراك الأمور على وجهها ، ولا يكلّفون أنفسهم فهم الرأي الصحيح عندنا. كما أنّه ليس معناها أنّها تجعل الدين وأحكامه سرّا من الأسرار ، لا يجوز أن يذاع لمن لا يدين به ، كيف وكتب الإمامية ومؤلفاتهم فيما يخصّ الفقه والأحكام ومباحث الكلام والمعتقدات ، قد ملأت الخافقين وتجاوزت الحدّ الذي ينتظر من أيّة امة تدين بدينها.
بلى ، إنّ عقيدتنا في التقيّة قد استغلّها من أراد التشنيع على الإمامية ، فجعلوها من جملة المطاعن فيهم ، وكأنّهم كان لا يشفى غليلهم