صيغة الماضي المعلوم ، والطاغوت بالنصب وهي القراءة التي بني التفسير عليها ، وقرأ حمزة «وعبد الطاغوت» بفتح العين وضم الباء وفتح الدال ، وخفض الطاغوت على أن (عَبَدَ) واحد مراد به الجنس وليس بجمع لأنه لم يسمع مثله في أبنيته بل هو صيغة مبالغة ، ولذا قال الزمخشري : معناه الغلو في العبودية ، وأنشد عليه قول طرفة:
أبني لبني إن أمكم |
|
أمة وإن أباكم عبد |
أراد عبدا ، وقد ذكر مثله ابن الأنباري والزجاج فقالا : ضمت الباء للمبالغة ، كقولهم ، للفطن والحذر : فطن وحذر ، بضم العين ، فطعن أبي عبيدة والفراء في هذه القراءة ، ونسبة قارئها إلى الوهم وهم ، والنصب بالعطف على (الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) وقرئ (وَعَبَدَ) بفتح العين وضم الباء. وكسر الدال وجر الطاغوت بالإضافة ، والعطف على ـ من ـ بناء على أنه مجرور بتقدير المضاف ، أو بالبدلية على ما قيل ، ولم يرتض.
وقرأ أبيّ «عبدوا» بضمير الجمع العائد على من باعتبار معناها ، والعطف مثله في قراءة الجمهور ، وقرأ الحسن «عباد» جمع عبد «وعبد» بالإفراد بجر «الطاغوت» ونصبه ، والجر بالإضافة ، والنصب إما على أن الأصل «عبد» بفتح الباء ، أو عبد بالتنوين فحذف كقوله. ولا ذاكر الله إلا قليلا. بنصب الاسم الجليل والعطف ظاهر ، وقرأ الأعمش والنخعي وأبان «عبد» على صيغة الماضي المجهول مع رفع «الطاغوت» على أنه نائب الفاعل ، والعطف على صلة ـ من ـ وعائد الموصول محذوف أي (عَبَدَ) فيهم أو بينهم وقرأ بعض كذلك إلا أنه أنث ، فقرأ «عبدت» بتاء التأنيث الساكنة ، والطاغوت : يذكر ويؤنث كما مر ؛ وأمر العطف والعائد على طرز القراءة قبل.
وقرأ ابن مسعود «عبد» بفتح العين وضم الباء وفتح الدال مع رفع الطاغوت على الفاعلية ـ لعبد ـ وهو كشرف كأن العبادة صارت سجية له ، أو أنه بمعنى صار معبودا كأمر أي صار أميرا ، والعائد على الموصول على هذا أيضا محذوف ، وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «عبد» بضم العين والباء وفتح الدال ، وجر «الطاغوت» فعن الأخفش أنه جمع عبيد جمع عبد فهو جمع الجمع. أو جمع عابد ـ كشارف وشرف ـ أو جمع عبد كسقف وسقف. أو جمع عباد ـ ككتاب وكتب ـ فهو جمع الجمع أيضا مثل ثمار وثمر.
وقرأ الأعمش أيضا «عبّد» بضم العين وتشديد الباء المفتوحة وفتح الدال وجر «الطاغوت» جمع عابد وعبد ـ كحطم وزفر ـ منصوبا مضافا للطاغوت مفردا وقرأ ابن مسعود أيضا «عبّد» بضم العين وفتح الباء المشددة وفتح الدال ، ونصب «الطاغوت» على حد :
ولا ذاكر الله إلا قليلا
بنصب الاسم الجليل ، وقرئ «وعابد الشيطان» بنصب عابد ، وجر الشيطان بدل الطاغوت ، وهو تفسير عند بعض لا قراءة. وقرئ ـ «عباد» ـ كجهال ـ «وعباد» ـ كرجال جمع عابد أو عبد ، وفيه إضافة العباد لغير الله تعالى وقد منعه بعضهم ، وقرئ «عابد» بالرفع على أنه خبر مبتدأ مقدر ، وجر «الطاغوت» وقرئ «عابدوا» بالجمع والإضافة ، وقرئ «عابد» منصوبا ، وقرئ «عبد الطاغوت» بفتحات مضافا على أن أصله عبدة ككفرة فحذفت تاؤه للإضافة كقوله :
وأخلفوك عدا الأمر الذي وعدوا
أي عدته كإقام الصلاة ، أو هو جمع أو اسم جمع لعابد ـ كخادم وخدم ـ وقرئ «أعبد» كأكلب ، وعبيد جمع أو اسم جمع ، «وعابدي» جمع بالياء ، وقرأ ابن مسعود أيضا «ومن عبدوا» (أُولئِكَ) أي الموصوفون بتلك القبائح