الجليل على قولنا بل الذين كفروا مقصرون إلخ ظاهر ، وهذه عدة احتمالات بين يديك وإليك أمر الاختيار والسلام عليك.
والمراد بالعزة ما يظهرونه من الاستكبار عن الحق لا العزة الحقيقية فإنها لله تعالى ولرسوله صلىاللهعليهوسلم وللمؤمنين ، وأصل الشقاق المخالفة وكونك في شق غير شق صاحبك أو من شق العصا بينك وبينه ، والمراد مخالفة الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، والتنكير للدلالة على شدتهما ، والتعبير بفي على استغراقهم فيهما.
وقرأ حماد بن الزبرقان وسورة عن الكسائي وميمونة عن أبي جعفر والجحدري من طريق العقيلي في «غرة» بالغين المعجمة المكسورة والراء المهملة أي في غفلة عظيمة عما يجب عليهم من النظر فيه ، ونقل عن ابن الأنباري أنه قال في كتاب الرد على من خالف الإمام : إنه قرأ بها رجل وقال : إنها أنسب بالشقاق وهو القتال بجد واجتهاد وهذه القراءة افتراء على الله تعالى اه وفيه ما فيه.
(كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) وعيد لهم على كفرهم واستكبارهم ببيان ما أصاب أضرابهم ، و (كَمْ) مفعول (أَهْلَكْنا) و (مِنْ قَرْنٍ) تمييز ، والمعنى قرنا كثيرا أهلكنا من القرون الخالية (فَنادَوْا) عند نزول بأسنا وحلول نقمتنا استغاثة لينجوا من ذلك ، وقال الحسن وقتادة : رفعوا أصواتهم بالتوبة حين عاينوا العذاب لينجوا منه (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) حال من ضمير (نادوا) والعائد مقدر وإن لم يلزم أي مناصهم ولات هي لا المشبهة بليس عند سيبويه زيدت عليها تاء التأنيث لتأكيد معناها وهو النفي لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى أو لأن التاء تكون للمبالغة كما في علامة أو لتأكيد شبهها بليس بجعلها على ثلاثة أحرف ساكنة الوسط ، وقال الرضي : إنها لتأنيث الكلمة فتكون لتأكيد التأنيث واختصت بلزوم الأحيان ولا يتعين لفظ الحين إلا عند بعض وهو محجوج بسماع دخولها على مرادفه ، وقول المتنبي :
لقد تصبرت حتى لات مصطبر |
|
والآن أقحم حتى لات مقتحم |
وإن لم يهمنا أمره مخرج على ذلك بجعل المصطبر والمقتحم اسمي زمان أو القول بأنها داخلة فيه على لفظ حين مقدر بعدها ؛ والتزموا حذف أحد الجزأين والغالب حذف المرفوع كما هنا على قراءة الجمهور أي ليس الحين حين مناص ، ومذهب الأخفش أنها لا النافية للجنس العاملة عمل إن زيدت عليها التاء فحين مناص اسمها والخبر محذوف أي لهم ، وقيل إنها لا النافية للفعل زيدت عليها التاء ولا عمل لها أصلا فإن وليها مرفوع فمبتدأ حذف خبره أو منصوب كما هنا فبعدها فعل مقدر عامل فيه أي ولا ترى حين مناص ، وقرأ أبو السمال «ولات حين» بضم التاء ورفع النون فعلى ذهب سيبويه (حِينَ) اسم (لاتَ) والخبر محذوف أي ليس حين مناص حاصلا لهم ، وعلى القول الأخير مبتدأ خبره محذوف وكذا على مذهب الأخفش فإن من مذهبه كما في البحر أنه إذا ارتفع ما بعدها فعلى الابتداء أي فلا حين مناص كائن لهم. وقرأ عيسى بن عمر «ولات حين» بكسر التاء مع النون كما في قول المنذر بن حرملة الطائي النصراني :
طلبوا صلحنا ولات أوان |
|
فأجبنا أن لات حين بقاء |
وخرج ذلك إما على أن لات تجر الأحيان كما أن لو لا تجر الضمائر كلولاك ولولاه عند سيبويه ، وإما على إضمار من كأنه قيل : لات من حين مناص ولات من أوان صلح كما جروا بها مضمرة في قولهم على كم جدع بيتك أي من جذع في أصح القولين ، وقولهم : ألا رجل جزاه الله خيرا. يريدون ألا من رجل ، ويكون موضع من حين مناص رفعا على أنه اسم لات بمعنى ليس كما تقول ليس من رجل قائما ، والخبر محذوف على قول سيبويه وعلى أنه مبتدأ