لا يَشْكُرُونَ (٦١) ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٦٣) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦٦) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦٧) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ)(٧٢)
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) للضعفاء (إِنَّا كُلٌّ فِيها) نحن وأنتم فكيف نغني عنكم ولو قدرنا لدفعنا عن أنفسنا شيئا من العذاب ؛ ورفع (كُلٌ) على الابتداء وهو مضاف تقديرا لأن المراد كلنا و (فِيها) خبره والجملة خبر إن.
وقرأ ابن السميفع وعيسى بن عمر «كلا» بالنصب ، وأخرجه ابن عطية والزمخشري على أنه توكيد لاسم إن ، وكون كل المقطوع عن الإضافة يقع تأكيدا اكتفاء بأن المعنى عليها مذهب الفراء ونقله أبو حيان عن الكوفيين ورده ابن مالك في شرحه للتسهيل ، وقيل : هو حال من المستكن في الظرف. وتعقب بأنه في معنى المضاف ولذا جاز الابتداء به فكيف يكون حالا ، وإذا سلم كفاية هذا المقدار من التنكير في الحالية فالظرف لا يعمل في الحال المتقدمة كما يعمل في الظرف المتقدم نحو كل يوم لك ثوب.
وأجيب عن أمر العمل بأن الأخفش أجاز عمل الظرف في الحال إذا توسطت بينه وبين المبتدأ نحو زيد قائما في الدار عندك وما في الآية الكريمة كذلك ، على أن بعضهم أجاز ذلك ولو تقدمت الحال على المبتدأ والظرف ؛ نعم منعه بعضهم مطلقا لكن المخرج لم يقلده ، وابن الحاجب جوزه في بعض كتبه ومنعه في بعض ، قيل : وقد يوفق بينهما بأن المنع على تقدير عمل الظرف لنيابته عن متعلقه ، والجواز على جعل العامل متعلقه المقدر فيكون لفظيا لا معنويا ، وإلى هذا التخريج ذهب ابن مالك وأنشد له قول بعض الطائيين :
دعا فأجبنا وهو بادي ذلة |
|
لديكم فكان النصر غير قريب |
وحمل قوله تعالى : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر : ٦٧] في قراءة النصب على ذلك ، وقال أبو حيان : الذي أختاره في تخريج هذه القراءة أن كلا بدل من اسم إن لأن كلا يتصرف فيها بالابتداء ونواسخه وغير ذلك فكأنه قيل : إن كلا فيها. وإذا كانوا قد تأولوا حولا أكتعا ويوما أجمعا على البدل مع أنهما لا يليان العوامل فإن يدعي في كل البدل أولى ، وأيضا فتنكير (كُلٌ) ونصبه حالا في غاية الشذوذ نحو مررت بهم كلا أي جميعا. ثم قال : فإن قلت : كيف تجعله بدلا وهو بدل كل من كل من ضمير المتكلم وهو لا يجوز على مذهب جمهور النحويين؟ قلت : مذهب