فكأن أجرام النجوم لوامعا |
|
درر نثرن على بساط أزرق |
وجوز أن تكون عطف بيان. وقرأ الأكثرون (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) بالإضافة على أنها بيانية لما أن الزينة مبهمة صادقة على كل ما يزان به فتقع الكواكب بيانا لها ، ويجوز أن تكون لامية على أن الزينة للكواكب أضواؤها أو أوضاعها ، وتفسيرها بالأضواء منقول عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، وجوز أن يكون الزينة مصدرا كالنسبة وإضافتها من إضافة المصدر إلى مفعوله أي زينا السماء الدنيا بتزييننا الكواكب فيها أو من إضافة المصدر إلى فاعله أي زيناها بأن زينتها الكواكب. وقرأ ابن وثاب ومسروق بخلاف عنهما والأعمش وطلحة وأبو بكر «بزينة» منونا «الكواكب» نصبا فاحتمل أن يكون زينة مصدرا والكواكب مفعول به كقوله تعالى (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) وليس هذا من المصدر المحدود كالضربة حتى يقال لا يصح أعماله كما نص عليه ابن مالك لأنه وضع مع التاء كالكتابة والإصابة وليس كل تاء في المصدر للوحدة ، وأيضا ليست هذه الصيغة صيغة الوحدة ، واحتمل أن يكون (الْكَواكِبِ) بدلا من (السَّماءَ) بدل اشتمال واشتراط الضمير معه للمبدل منه إذا لم يظهر اتصال أحدهما بالآخر ما قرروه في قوله تعالى (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ) [البروج : ٤].
وقيل : اللام بدل منه ، وجوز كونه بدلا من محل الجار والمجرور أو المجرور وحده على القولين ، وكونه منصوبا بتقدير أعني. وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما «بزينة» منونا «الكواكب» رفعا على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي الكواكب أو فاعل المصدر ورفعه الفاعل قد أجازه البصريون على قلة ، وزعم الفراء أنه ليس بمسموع.
وظاهر الآية أن الكواكب في السماء الدنيا ولا مانع من ذلك وإن اختلفت حركاتها وتفاوتت سرعة وبطأ لجواز أن تكون في أفلاكها وأفلاكها في السماء الدنيا وهي ساكنة ولها من الثخن ما يمكن معه نضد تلك الأفلاك المتحركة بالحركات المتفاوتة وارتفاع بعضها فوق بعض. وحكى النيسابوري في تفسير سورة التكوير عن الكلبي أن الكواكب في قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور وتلك السلاسل بأيدي الملائكة عليهمالسلام ، وهو مما يكذبه الظاهر ولا أراه إلا حديث خرافة. وأما ما ذهب إليه جل الفلاسفة من أن القمر وحده في السماء الدنيا وعطارد في السماء الثانية والزهرة في الثالثة والشمس في الرابعة والمريخ في الخامسة والمشتري في السادسة وزحل في السابعة والثوابت في فلك فوق السابعة هو الكرسي بلسان الشرع فمما لا يقوم عليه برهان يفيد اليقين ، وعلى فرض صحته لا يقدح في الآية لأنه يكفي لصحة كون السماء الدنيا مزينة بالكواكب كونها كذلك في رأي العين (وَحِفْظاً) نصب على أنه مفعول مطلق لفعل معطوف على (زَيَّنَّا) أي وحفظناها حفظا أو عطف على «زينة» باعتبار المعنى فإنه معنى مفعول له كأنه قيل : إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا لها ، والعطف على المعنى كثير وهو غير العطف على الموضوع وغير عطف التوهم وجوز كونه مفعولا له بزيادة الواو أو على تأخير العامل أي ولحفظها زيناها. وقوله تعالى : (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) متعلق بحفظنا المحذوف أو بحفظا ، والمارد كالمريد المتعري عن الخيرات من قولهم شجر أمرد إذا تعرى من الورق ، ومنه قيل رملة مرداء إذا لم تنبت شيئا ، ومنه الأمرد لتجرده عن الشعر ، وفسر هنا أيضا بالخارج عن الطاعة وهو في معنى التعري عنها ، وقوله تعالى : (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) أي لا يتسمعون وهذا أصله فأدغمت التاء في السين ، وضمير الجمع لكل شيطان لأنه بمعنى الشياطين.
وقرأ الجمهور «لا يسمعون» بالتخفيف ، والملأ في الأصل جماعة يجتمعون على رأي فيملئون العيون رواء والنفوس جلالة وبهاء ، ويطلق على مطلق الجماعة وعلى الأشراف مطلقا ، والمراد بالملإ الأعلى الملائكة عليهمالسلام كما روي عن السدي لأنهم في جهة العلو ويقابله الملأ الأسفل وهم الإنس والجن لأنهم في جهة السفل.