الساعة ، فأين هذه السرعة من السرعة التي انطلق بها جبريل عليهالسلام ، ومعه محمّد عليه الصّلاة والسلام فوق السفينة الكونية العظمى ليلة الإسراء والمعراج؟
هكذا يبدأ الدكتور عبد العليم عبد الرّحمن خضر في كتابه «الإنسان في الكون بين القرآن والعلم» في الحديث عن معجزة الإسراء والمعراج ، على ضوء النظرية النسبية لأنشتاين ، وسنستعرض آخر ما توصّل إليه ، علما أنه يعتمد عدّة مصادر حديثة علمية ، ويستشهد بأقوال علماء مسلمين وأجانب في هذا الإطار.
وحينما ينطلق الدكتور عبد العليم من مفردة أن الناس عادة (١) «حينما يتحدّثون عن معجزة الإسراء والمعراج يتحدّثون عن جانبها الذي يتعلّق بقطع المسافات وطي الزمان والعروج من سماء إلى سماء في لحظات لا تعادل بالأيام والشهور ، وإنما بالساعات والدقائق» ، ليصل إلى القول «إذن ، فالرحلة رحلة كونية تفوق كل المقاييس التي عرفها أو سيعرفها البشر» فكيف فسّر ، على ضوء العلم الحديث ، هذه المعطيات؟
يبدأ الدكتور من مفردة أن البراق كان يسير بسرعة البرق ـ وقد يكون سمّي براقا لهذه الخاصية ـ فيرى أن البرق ضوء ، وسرعة الضوء ١٠٨٠ مليون كيلومتر في الساعة ، فهل كانت سرعة البراق تساوي سرعة الضوء فقط؟ وهل تكفي عدة ساعات للسفر إلى سدرة المنتهى ثم العودة إلى الأرض؟. وبعد أن يورد الدكتور تفسير قوله تعالى (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩) [الانشقاق / ١٦ ـ ١٩] بمعنى «لتركبن يا محمّد سماء بعد سماء» ، كما فسّرها الطبري وابن كثير ، يقول (٢) : «وكان ركوب السماء بعد السماء ليلة الإسراء والمعراج ، ولا بد أن الطبق الذي ركبه الرسول الكريم ومعه جبريل كان أسرع من الضوء نفسه ، نظرا لضخامة الكون الذي تمثّله السموات ، سماء بعد سماء ، تتمثّل بتلك الضخامة في قوله تعالى (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [المعارج / ٤]. وهكذا يعود الدكتور إلى القول (٣) : «إن آية الإسراء لم تذكر أن الرسول الكريم محمدا ، عليه الصّلاة والسّلام ، كان محمولا على شيء ، إنّه كان يسبح في الفضاء بقدرة الله تعالى التي لا حدود لها ، بعد أن أصبح حقيقة كونية في غير حالتها الأرضية الناقصة. فإن كان قد قيل إنه ركب البراق ، فقد يكون المقصود البرق أو أيّة
__________________
(١) الإنسان في الكون بين القرآن والعلم ـ د. عبد العليم عبد الرّحمن خضر ، ص ٣٢٢.
(٢) المصدر السابق ، ص ٣٢٤.
(٣) المصدر السابق ، ص ٣٢٦.