الكريم يطابق العلوم ، أو يوافق العلوم الطبيعية بهذا المعنى الذي تستقيم به العقيدة ولا تتعرّض للنقائض والأظانين كلما تبدلت القواعد العلميّة ، أو تتابعت الكشوف بجديد ينقض القديم أو يقين يبطل التخمين ، وفضيلة الإسلام الكبرى أنه يفتح للمسلمين أبواب المعرفة ويحثهم على ولوجها والتقدم فيها ، وقبول كل مستحدث من العلوم على تقدم الزمن ، وتجدد أدوات الكشف ووسائل التعليم ، وليست فضيلته الكبرى أن يقعدهم عن الطلب وينهاهم عن التوسع في البحث والنظر لأنهم يعتقدون أنهم حاصلون على جميع العلوم». لا شك أن تخوّف العقاد ، ومن معه ، من التفسير العلمي كان بسبب التفسيرات العلمية التي ظهرت في زمنهم ، والتي كانت فعلا منحرفة جدا وغير مستندة على أساس علمي منهجي ، حتى أن الشيخ طنطاوي جوهري كان يؤمن بأن القرآن لا يفسّر إلا بالعلم الحديث ، فكتب تفسيره ومزج فيه الآيات القرآنية بالعجائب الكونية ، ويؤكد أن القرآن سر العلوم.
لقد لخص الدكتور عفت محمد الشرقاوي ، في كتابه «الفكر الديني في مواجهة العصر» ، حجج الذين يعارضون التفسير العلمي بالنقاط التالية (١) :
١) إن الفهم الدقيق للألفاظ يحتم علينا فهمها في حدود الاستعمال الذي نزلت فيه ، وهذا يحول بيننا وبين التوسع في جعلها تدل على معان لم تعرف بها وقت نزول القرآن.
٢) يجب أن نقف بعبارات القرآن عند ما فهمه العرب الخلّص ، ولا نتجاوز ما ألفوه في علومهم وأدركوه من معارفهم ، لأننا نعتقد أن البلاغة هي مراعاة مقتضى الحال.
٣) إن مهمة القرآن دينية اعتقادية وليست علمية.
٤) ينبغي أن لا نقحم النظريات العلمية على القرآن الكريم ، أو نعتبر أن القرآن الكريم مطالب بموافقتها كلما تغيرت من زمن إلى زمن ، ومن تفكير إلى تفكير.
٥) إن إدخال التفسيرات العلميّة على الإشارات القرآنية ، وبالصورة التي جرى عليها بعض الكتاب والعلماء ، لا بد أن يفضي ، عما قريب أو بعيد ، إلى الصراع بين الدين والعلم.
٦) التفسير العلمي يحمل أصحابه على تأويل القرآن تأويلا متكلفا يتنافى مع الإعجاز ولا يسيغه الذوق السليم.
__________________
(١) الفكر الديني في مواجهة العصر ـ د. عفت محمّد شرقاوي ، ص ٤٢٥.