على أساس منهجية العلوم نفسها وأقسامها ، فمثلا : بعد أن يبحث التطور البيولوجي للكائنات الحية ويصل إلى بحث أطوار تكون الجنين ، كما يقول العلم وكما يذكره القرآن ، يقول : «والعلم يتوافق مع القرآن في ذلك توافقية تامة رائعة» ، وأحيانا يستخدم الحديث النبوي بنفس المعنى ، وفي فصل آخر بعد أن يبحث الكون ونظرياته المختلفة يقول (١) : «ووجدت أنه كتاب الله المنظور الذي لا يتعارض ما فيه من آيات في الآفاق مع كتاب الله المقروء (القرآن الكريم) ، واكتشفت كيف مسّ القرآن الكريم توازن الكون الأعظم مسّا رقيقا في إشارات كونية غاية في الدقة والشمول والصدق» ، ولأن هدفه ، كما قلنا ، إيماني إرشادي ، فبعد أن يقرر الحقيقة القرآنية وتوافقها مع الحقيقة العلمية نراه يقول (٢) : «وتوصلت إلى التوافقية بين القرآن والفيزياء الكونية في تحديد خواص الدخان الكوني الأول ، ووجدت خطوات البحث تقودني منطقيا إلى الله خالق كل شيء وإليه المصير» ، بل نراه يعقد فصلا كاملا لبحث (المفاهيم النهائية التي يمكن الخروج من الحقائق القرآنية وما يخدمها من الآراء العلمية) ..
إنه ، إذن ، يأخذ حقائق العلم التي تخدم حقائق القرآن ، ليبرهن بعد ذلك على وحدانية الله في هذا الكتاب المعجز ، إنه كتاب نموذج للتعبير عن العلاقة الأساسية للعلم بالدين الإسلامي من خلال القرآن ، فهو ، إذن ، على الطريق السوي الذي حدد شروطه التفسير العلمي للقرآن وضوابطه لا خارجا عنها ، رغم أنه يستوعب كل مفردات العلوم ، نظريات وقوانين وحقائق ، ولكنه لا يفتأ أن يعود لارتباطها بالقرآن الكريم وهدايته وإرشاده وإعجازه.
فبعد أن يبحث الكون ، نظريات وحقائق في ضوء الفيزياء الكونية يقرر أن توازن الكون من آيات الله في الآفاق ، فيصل إلى «أن هذا الكون المعجز ببنائه المذهل ، في اتساعه الرائع ، في حركته واتزانه ، هذا الاتزان الدقيق ، لو اختل قيد شعرة ، منذ البدء ، في أية جزيئة من جزئيات قوانينه ، لا نفرط عقد هذا الكون وانهار كل ما فيه ومن فيه». وبعد أن يستشهد بالآيات القرآنية المعبرة عن هذه الحقيقة ، بعد كل هذا نراه يقول (٣) : «لقد جاء العلم ، وجاء العلماء بألف ألف دليل على صدق ما ورد في القرآن الكريم ، جاء بألف ألف دليل على وحدة الكون والسماء والأرض والذرة
__________________
(١) الإنسان في الكون بين العلم والقرآن ـ د. عبد العليم عبد الرحمن خضر ، ص ١٢.
(٢) المصدر السابق ، ص ١٧.
(٣) المصدر السابق ، ص ١٤١.