يُؤْمِنُونَ) [الأعراف / ٥٢] ، ووردت في سورة الإسراء بقوله تعالى (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) [الإسراء / ١١ ، ١٢] ، ويقول المؤلف معلقا (١) : «سنحاول أن نربط بين التفصيلين : تفصيل القرآن ، وهيمنة تفصيله على تفصيل كل شيء ، من ظواهر العلاقات بين الوعي البشري وبين المسيرة الكونية ، بليلها ونهارها وما يتبع ذلك من عدد السنين والحساب ، أي أبعاد التاريخ وسائر معادلات الرياضة والعلم والأخلاق». وأول شيء نواجهه في عصرنا ، عصر العقول الألكترونية ، إن التفصيل فيه يقوم على تفصيل مقادير معينة أو إحصاءات محدّدة لتقييم الاحتياجات وفق خطة مقررة أو خطة للمستقبل القريب أو البعيد ، ولكن هذه الخطة أو تلك ـ كما يقول ـ لا يمكن أن تكون يقينية في حكمها لوقائع الحياة ، حيث التغيرات المجهولة تواجه التخطيط بما لم يكن بالحسبان «أما القرآن فهو مفصّل الكلمات تفصيلا مطلقا يحكم أحوال الحياة كلها جملة وتفصيلا ، حكما مطلقا مهما تختلف أحوال الحياة» ، وهو يقصد بالتفصيل المطلق لكلمات القرآن «أن كل كلمة من كلمات القرآن ، وهي تتعدد مواقعها في آياتها ، فهي مفصلة تفصيلا مطلقا ، إذ هي ثابتة في بنائها القولي ، ثابتة في حقيقتها المرتبطة بها وحدها».
وهو يرى (٢) «إن لكل موقع قرآني ، بكل كلمة قرآنية ، حقيقة خاصة به في موقع الكلمة منه حقيقة لا تتكرر إطلاقا ، في أي موقع آخر جاءت به الكلمة نفسها ، على أن التطابق القرآني بين كلماته وواقعها المادي لا يأتي وصفا عدديا وموقعيا فحسب ، ولكنها في القرآن حكما وأحكاما ، وفي الحياة كلها خضوعا لحكم كتاب الله وتفصيلا لأحوال الحياة ، وهي تهتدي بنور كلمات الله» أي أن القرآن يحكم الحياة بكلماته ولا يصفها فقط.
إن الحياة تتكاثر تكاثرا كميا لتلبية حاجاتها ، كما فطرها الله ، وأن اختلاف الأعمال واختلاف الأشياء علامات للوعي البشري حتى يدرك عظمة خالقه الذي جعل من المختلفات متفقات على غير قدره من المختلفات أن تكون على العكس منها تماما متفقات ، ولو كانت كلمات القرآن ككلمات البشر لاحتاجت في وصفها لهذه الاختلافات أن تتنوّع وتختلف وتتعدد ، وبذلك تفقد صفة الثبات واليقين ، أما كلمات
__________________
(١) القرآن تفسير الكون والحياة ـ محمّد العفيفي ، ص ٢٠.
(٢) المصدر السابق ، ص ٢٢.