فأما انا فاستودعكم الله ولزم الحسين عليهالسلام حتى قتل معه.
ولما نزل الحسين عليهالسلام الخزيمية أقام بها يوما وليلة ، فلما أصبح أقبلت اليه أخته زينب فقالت : يا أخي الا أخبرك بشيء سمعته البارحة ، فقال الحسين عليهالسلام : وما ذاك؟ فقالت خرجت في بعض الليل لقضاء حاجة فسمعت هاتفا يهتف ويقول :
الا يا عين فاحتفلي بجهد |
|
ومن يبكي على الشهداء بعدي |
على قوم تسوقهم المنايا |
|
بمقدار الى انجاز وعد |
فقال لها الحسين عليهالسلام : يا أختاه كل الذي قضي فهو كائن.
ثم سار عليهالسلام حتى نزل الثعلبية (١) وقت الظهيرة ، وقيل ممسيا فوضع رأسه فرقد ، ثم استيقظ فقال : رأيت هاتفا يقول : أنتم تسرعون والمنايا تسرع بكم الى الجنة ، فقال له ابنه علي : يا أبه أفلسنا على الحق ، فقال : بلى يا بني والذي اليه مرجع العباد ، فقال : يا أبه اذا لا نبالي بالموت ، فقال الحسين عليهالسلام : جزاك الله يا بني خير ما جزى ولدا عن والده ثم بات في الموضع ، فلما أصبح اذا برجل من أهل الكوفة يكنى أباهرة الأزدي قد أتاه فسلم عليه ثم قال : يا ابن رسول الله ما الذي أخرجك عن حرم الله وحرم جدك محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال الحسين عليهالسلام : ويحك يا أبا هرة ان بني أمية أخذوا مالي فصبرت وشتموا عرضي فصبرت وطلبوا دمي فهربت ، وايم الله لتقتلني الفئة الباغية وليلبسنهم الله ذلا شاملا وسيفا قاطعا ، وليسلطن الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قوم سبأ اذ ملكتهم امرأة فحكمت في أموالهم ودمائهم.
وروى عبد الله بن سليمان والمنذر ابن المشمعل الأسديان قالا : لما
__________________
(١) بالثاء المثلثة والعين المهملة (منه).