على أهل الذمّة؛ لأنّ الوقف على كنائسهم وشبهها وقف على مصالحهم، للفرق؛ فإنّ الوقف على المساجد مصلحة للمسلمين وهي مع ذلك طاعة وقربة، فهي جهة من جهات المصالح المأذون فيها، بخلاف الكنائس، فإنّ الوقف عليها وقف على جهة خاصّة من مصالح أهل الذمّة لكنّها معصية؛ لأنّها إعانة لهم على الاجتماع إليها للعبادات المحرّمة والكفر، بخلاف الوقف عليهم أنفسهم؛ لعدم استلزامه المعصية بذاته؛ إذ نفعهم من حيث الحاجة وأ نّهم عباد اللّٰه ومن جملة بني آدم المكرّمين ومن يجوز أن يتولّد منهم المسلمون لا معصية فيه. وما يترتّب عليه من إعانتهم به على المحرّم ـ كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والذهاب إلى تلك الجهات المحرّمة ـ ليس مقصوداً للواقف، حتى لو فرض قصده له حكمنا ببطلانه. ومثله الوقف عليهم لكونهم كفّاراً، كما لا يصحّ الوقف على فسقة المسلمين من حيث هم فسقة.
(ولا على الزناة والعُصاة) من حيث هم كذلك؛ لأنّه إعانة على الإثم والعدوان فيكون معصية. أمّا لو وقف على شخص متّصف بذلك لا من حيث كون الوصف مناط الوقف صحّ، سواء أطلق أم قصد جهة محلّلة.
(والمسلمون: من صلّى إلى القبلة) أي اعتقد الصلاة إليها وإن لم يصلّ، لا مستحلّاً. وقيل: يشترط الصلاة بالفعل (١) وقيل: يختصّ بالمؤمن (٢) وهما ضعيفان (إلّاالخوارج والغلاة) فلا يدخلون في مفهوم المسلمين وإن صلّوا إليها للحكم بكفرهم. ولا وجه لتخصيصه بهما، بل كلّ من أنكر ما علم من الدين
__________________
(١) وهو المنسوب إلى المفيد اُنظر المختلف ٦:٣٠٩، والمقنعة:٦٥٤.
(٢) قاله ابن إدريس في السرائر ٣:١٦٠ ـ ١٦١.