(وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) (١٥)
____________________________________
(وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) كلام مبتدأ من جهته تعالى غير داخل فى الكلام الملقن مقرر لبوارهم* ومبين لكيفيته أى ومن لم يؤمن بهما كدأب هؤلاء المخلفين (فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً) أى لهم وإنما وضع موضع الضمير الكافرون إيذانا بأن من لم يجمع بين الإيمان بالله وبرسوله فهو كافر وأنه مستوجب للسعير بكفره وتنكير سعيرا للتهويل أو لأنها نار مخصوصة (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) * وما فيهما يتصرف فى الكل كيف يشاء (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) أن يغفر له (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) أن يعذبه من غير دخل لأحد فى شىء منهما وجودا وعدما وفيه حسم لأطماعهم الفارغة فى استغفاره عليه الصلاة* والسلام لهم (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) مبالغا فى المغفرة والرحمة لمن يشاء ولا يشاء إلا لمن تقتضى الحكمة مغفرته ممن يؤمن به وبرسوله وأما من عداه من الكافرين فهم بمعزل من ذلك قطعا (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ) أى المذكورون وقوله تعالى (إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها) ظرف لما قبله لا شرط لما بعده أى سيقولون عند انطلاقكم إلى مغانم خيبر لتحوزوها حسبما وعدكم إياها وخصكم بها عوضا* مما فاتكم من غنائم مكة (ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ) إلى خيبر ونشهد معكم قتال أهلها (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) بأن يشاركوا فى الغنائم التى خصها بأهل الحديبية فإنه عليه الصلاة والسلام رجع من الحديبية فى ذى الحجة من سنة ست وأقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة فخصها بهم حسبما أمره الله عزوجل وقرىء كلم الله وهو جمع كلمة وأيا ما كان فالمراد ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لأهل الحديبية خاصة لا قوله تعالى (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) فإن ذلك فى غزوة تبوك (قُلْ) إقناطا لهم (لَنْ تَتَّبِعُونا) أى لا تتبعونا فإنه نفى فى معنى النهى* للمبالغة (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) أى عند الانصراف من الحديبية (فَسَيَقُولُونَ) للمؤمنين عند* سماع هذا النهى (بَلْ تَحْسُدُونَنا) أى ليس ذلك النهى حكم الله بل تحسدوننا أن نشارككم فى الغنائم* وقرىء تحسدوننا بكسر السين وقوله تعالى (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ) أى لا يفهمون (إِلَّا قَلِيلاً) إلا فهما قليلا وهو فطنتهم لأمور الدنيا رد لقولهم الباطل ووصف لهم بما هو أعظم من الحسد وأطم من الجهل