(وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (٥٣) فَغَشَّاها ما غَشَّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) (٥٦)
____________________________________
(عاداً الْأُولى) هى قوم هود عليهالسلام وعاد الأخرى إرم وقيل الأولى القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح وقرىء عاد الاولى بحذف الهمزة ونقل ضمتها إلى اللام وعاد لولى بادغام التنوين فى اللام وطرح همزة أولى وثقل حركتها إلى لام التعريف (وَثَمُودَ) عطف على عادا لأن ما بعده لا يعمل فيه وقرىء وثمودا بالتنوين (فَما أَبْقى) أى أحدا من الفريقين (وَقَوْمَ نُوحٍ) عطف عليه أيضا (مِنْ قَبْلُ) أى من قبل إهلاك عاد وثمود (إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى) من الفريقين حيث كانوا يؤذونه* وينفرون الناس عنه وكانوا يحذرون صبيانهم أن يسمعوا منه وكانوا يضربونه عليه الصلاة والسلام حتى لا يكون به حراك وما أثر فيهم دعاؤه قريبا من ألف سنة (وَالْمُؤْتَفِكَةَ) هى قرى قوم لوط ائتفكت بأهلها أى انقلبت بهم (أَهْوى) أى أسقطها إلى الأرض بعد أن رفعها على جناح جبريل عليهالسلام* إلى السماء (فَغَشَّاها ما غَشَّى) من فنون العذاب وفيه من التهويل والتفظيع ما لا غاية وراءه (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى) تتشكك والخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام على طريقة قوله تعالى لئن أشركت ليحبطن عملك أو لكل أحد وإسناد فعل التمارى إلى الواحد باعتبار تعدده بحسب تعدد متعلقه فإن صيغة التفاعل وإن كانت موضوعة لإفادة صدور الفعل عن المتعدد ووقوعه عليه بحيث يكون كل من ذلك فاعلا ومفعولا معا لكنها قد تجرد عن المعنى الثانى فيراد بها المعنى الأول فقط كما فى يتداعونهم أى يدعونهم وقد تجرد عنهم أيضا فيكتفى بتعدد الفعل بتعدد متعلقه كما فيما نحن فيه فإن المراء متعدد بتعدد الآلاء فتدبر وتسمية الأمور المعدودة آلاء مع أن بعضها نقم لما أنها أيضا نعم من حيث إنها نصرة للأنبياء والمؤمنين وانتقام لهم وفيها عظات وعبر للمعتبرين (هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) هذا إما إشارة إلى القرآن والنذير مصدر أو إلى الرسول عليه الصلاة والسلام والنذير بمعنى المنذر وأيا ما كان فالتنوين للتفخيم ومن متعلقة بمحذوف هو نعت لنذير مقرر له ومتضمن للوعيد أى هذا القرآن الذى تشاهدونه نذير من قبيل الإنذارات المتقدمة التى سمعتم عاقبتها أو هذا الرسول منذر من جنس المنذرين الأولين والأولى على تأويل الجماعة لمراعاة الفواصل وقد علمتم أحوال قومهم المنذرين وفى