(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٢)
____________________________________
* المعهودة التى هى التناجى بالإثم والعدوان (مِنَ الشَّيْطانِ) لا من غيره فإنه المزين لها والحامل عليها* وقوله تعالى (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) خبر آخر أى إنما هى ليحزن المؤمنين بتوهمهم أنها فى نكبة أصابتهم* (وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ) أى الشيطان أو التناجى بضار المؤمنين (شَيْئاً) من الأشياء أو شيئا من الضرر (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أى بمشيئته (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ولا يبالوا بنجواهم فإنه تعالى يعصمهم من شره (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا) أى توسعوا وليفسح بعضكم عن بعض ولا تتضاموا من* قولهم افسح عنى أى تنح وقرىء تفاسحوا وقوله تعالى (فِي الْمَجالِسِ) متعلق بقيل وقرىء فى المجلس على أن المراد به الجنس وقيل مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام وكانوا يتضامون تنافسا فى القرب منه عليه الصلاة والسلام وحرصا على استماع كلامه وقيل هو المجلس من مجالس القتال وهى مراكز الغزاة كقوله تعالى (مَقاعِدَ لِلْقِتالِ) قيل كان الرجل يأتى الصف ويقول تفسحوا فيأبون لحرصهم على الشهادة وقرىء فى المجلس بفتح اللام فهو متعلق بتفسحوا قطعا أى توسعوا فى جلوسكم ولا تتضايقوا* فيه (فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) أى فى كل ما تريدون التفسح فيه من المكان والرزق والصدر والقبر* وغيرها (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا) أى انهضوا للتوسعة على المقبلين أو لما أمرتم به من صلاة أو جهاد أو* غيرهما من أعمال الخير (فَانْشُزُوا) فانهضوا ولا تتثبطوا ولا تفرطوا وقرىء بكسر الشين (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) بالنصر وحسن الذكر فى الدنيا والإيواء إلى غرف الجنان فى الآخرة (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) منهم خصوصا (دَرَجاتٍ) عالية بما جمعوا من أثرتى العلم والعمل فإن العلم مع علو رتبته يقتضى العمل المقرون به مزيد رفعة لا يدرك شأوه العمل العارى عنه وإن كان فى غاية الصلاح ولذلك يقتدى بالعالم فى أفعاله ولا يقتدى بغيره وفى الحديث فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على* سائر الكواكب (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) تهديد لمن لم يمتثل بالأمر وقرىء يعملون بالياء التحتانية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ) فى بعض شؤنكم المهمة الداعية إلى مناجاته عليه الصلاة والسلام* (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) أى فتصدقوا قبلها مستعار ممن له يدان وفى هذا الأمر تعظيم الرسول صلىاللهعليهوسلم وانفاع الفقراء والزجر عن الإفراط فى السؤال والتمييز بين المخلص والمنافق