(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠) كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢٢)
____________________________________
(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ) أى استولى عليهم من حذت الإبل إذا استوليت عليها وجمعتها وهو مما جاء على الأصل كاستصوب واستنوق أى ملكهم (فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ) بحيث لم يذكروه بقلوبهم ولا بألسنتهم* (أُولئِكَ) الموصوفون بما ذكر من القبائح حزب الشيطان وجنوده وأتباعه (أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) أى الموصوفون بالخسران الذى لا غاية وراءه حيث فوتوا على أنفسهم النعيم المقيم وأخذوا بدله العذاب الأليم وفى تصدير الجملة بحر فى التنبيه والتحقيق وإظهار المضافين معا فى موقع الإضمار بأحد الوجهين وتوسيط ضمير الفصل من فنون التأكيد ما لا يخفى (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) استئناف مسوق لتعليل ما قبله من خسران حزب الشيطان عبر عنهم بالموصول للتنبيه بما فى حيز الصلة على أن موادة من حاد الله ورسوله محادة لهما والإشعار بعلة الحكم (أُولئِكَ) بما فعلوا من التولى والموادة* (فِي الْأَذَلِّينَ) أى فى جملة من هو أذل خلق الله من الأولين والآخرين لأن ذلة أحد المتخاصمين على* مقدار عزة الآخر وحيث كانت عزة الله عزوجل غير متناهية كانت ذلة من يحاده كذلك (كَتَبَ اللهُ) استئناف وارد لتعليل كونهم فى الأذلين أى قضى وأثبت فى اللوح وحيث جرى ذلك مجرى القسم أجيب بما يجاب به فقيل (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) أى بالحجة والسيف وما يجرى مجراه أو بأحدهما ونظيره قوله* تعالى (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) وقرىء ورسلى بفتح الياء (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ) على نصر أنبيائه (عَزِيزٌ) لا يغلب عليه فى مراده (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الخطاب للنبى عليه الصلاة والسلام أو لكل أحد وتجد إما متعد إلى اثنين فقوله تعالى (يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) مفعوله الثانى أو إلى واحد فهو حال من مفعوله لتخصصه بالصفة وقيل* صفة أخرى له أى قوما جامعين بين الإيمان بالله واليوم الآخر وبين موادة أعداء الله ورسوله والمراد