وربّما يثأر سؤال :
كيف يمكن أن يترك الله النّاس بدون رسول يبشرهم وينذرهم فترة من الزمن قد تناهز الخمسمائة سنة أو تزيد ، وهل هذا إلّا إهمال الخالق لخلقه في الوقت الّذي يحملهم فيه مسئوليّة انحرافهم عن الخطّ المستقيم؟
والجواب : إنّ الله لم يهمل خلقه بل إنّه أنزل عليهم الرسالة الشاملة وهي رسالة موسى وعيسى في التوراة والإنجيل ، وأراد لهم الأخذ بها وإطاعة أوامرها ونواهيها ، والتعبّد له من خلالها. ولم تكن المرحلة مرحلة فراغ من المبلّغين والمرشدين من أوصياء الأنبياء وأوليائهم ، مما يمكن أن تقوم الحجّة بهم على النّاس بالدرجة الّتي يمكن أن يواجهوا المسؤولية فيها بحيث يستحقون الثواب على الموافقة والعقاب على المخالفة ، ولكنّ المرحلة قد امتدت إلى الفترة الّتي أرسل بها النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بحيث تحوّل الفراغ الرسالي إلى ما يشبه حالة النسيان للنبوات ، والضياع للنّاس ، فكانت الحاجة ماسّة إلى تجديد الرسالة بالرسول الجديد الّذي جاء بالكتاب مصدّقا لما بين يديه من الكتب والرسل ، وأطلق البشارة والإنذار لأهل الكتاب الّذين يعرفون ذلك ، ولغيرهم ممن لا يعرفونه ليهتدوا به إلى الطريق المستقيم. والله العالم.
* * *