من عقود جديدة اقتضتها التطورات الحياتية للعلاقات والحاجات الاقتصادية لا يحتاج في شرعيته إلى نصوص خاصة ، أو إلى إدخاله تحت عناوين شرعية مما كان متعارفا من أساليب التعامل السابقة ، فإنّ الآية كافية في إثبات ذلك ، وعلى ضوء هذا ، يمكن لنا أن نقرر أن حرية التعاقد في الشريعة الإسلامية مقيدة بالمبادئ العامة للإسلام الراسمة لحدود الحلال والحرام ، في تشريعه وتطبيقه. والله العالم.
* * *
أحلت لكم بهيمة الأنعام
هل لهذه الفقرة علاقة بالفقرة السابقة؟ يذكر بعض المفسرين وجود علاقة بينهما وذلك من خلال اعتبار الحكم بتحليل بهيمة الأنعام في حدوده المشروعة ، من نتائج الإيمان الّذي هو أحد مظاهر التعاقد الّذي يجب الوفاء به. وبذلك يكون الأمر بالوفاء بالعقود أمرا بالالتزام بهذه الأحكام الشرعية. ونحن لا نريد أن ندخل في تفاصيل الحديث في إثبات ذلك أو نفيه ، بل نسجّل ملاحظة على هذا الاتجاه في الربط بين الآيات أو فقراتها بشكل دقيق ، فقد يبدو لنا أنّ الآيات لم تنزل لتعالج موضوعا واحدا على طريقة الأبحاث العملية التي تخضع البحث لموضوع واحد تلتزم بإرجاع كل عناصره إليه ، بل إنّها نزلت لتثير أمام الإنسان جوانب متعددة يتعلق بعضها بتصوراته وقناعاته الفكرية ، وبعضها الآخر بأفعاله وعلاقاته ومعاملاته ، منطلقا من العام إلى الخاص في الحديث ، وقد يتحدّث عن الخاص ثمّ يعقبه بالعام ، وقد لا يكون هناك رابط موضوعي بين الحديثين إلّا في ما يتصل ببناء الجوانب الإنسانية على الصورة الّتي يريدها الله للإنسان.