يتكلم بلسان شيطان ، فلما أجابه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أنظرني لعلّي أسلم ولي من أشاوره ، فخرج من عنده ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقب غادر ، فمرّ بسرح من سروح المدينة فساقه وانطلق به ...
ثمَّ أقبل من عام قابل حاجّا قد قلَّد هديا ، فأراد رسول الله أن يبعث إليه ، فنزلت هذه الآية (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ، وهو قول عكرمة وابن جريج. وقال ابن زيد : نزلت يوم الفتح في ناس يؤمّون البيت من المشركين يهلّون بعمرة ، فقال المسلمون : يا رسول الله إنَّ هؤلاء مشركون مثل هؤلاء دعنا نغير عليهم ، فأنزل الله تعالى الآية (١).
* * *
لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام
إن ما ورود في أسباب النزول يعني ضمنا ، أنَّ الآية واردة في مقام حض المسلمين على حفظ واحترام الشعائر والمواقف والأشخاص الّتي ترتبط ببعض العبادات أو الأوضاع العامة المتعلقة بالتخطيط للسلام في الحياة أو الأماكن المقدسة ، ولذا بدأ بشعائر الله الّتي اختلف الرأي في تطبيقها على عدّة مواطن ومعالم ومناسك ، باعتبار صدق هذا العنوان عليها ، كما جاء في الآية الكريمة : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) [البقرة : ١٥٨] ، ولكن لا مانع من القول بأنَّها شاملة لكل حرمات الله ومعالم أمره ونهيه ، باعتبارها علامات على طاعة الله ، وربّما يومئ إلى ذلك في الآية المتقدمة في جعل الصفا والمروة من شعائر الله ، مما يعني أنَّ هناك غيرها من الأشياء الّتي يطلق عليها الشعائر. ومن الواضح أنَّ إطلاق كلمة الشعائر على الأمكنة والأشياء ليس بلحاظ ذاتها ،
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٣ ، ص : ١٩٢ ـ ١٩٣.