ومن هنا كان الفرق بين البحث العلمي والحديث القرآني ، فالأول يعالج موضوعا محددا ليصل إلى النتيجة المطلوبة ، بينما يعالج الثاني الإنسان في مفاهيمه وأعماله ليصل به إلى درجة التكامل الفكري والعملي ، وبذلك فإنّ الوحدة هناك هي وحدة الموضوع ، بينما تمثل الوحدة هنا وحدة قضية الإنسان إنّها ملاحظة نضعها في متناول التفكير لنتخلص من تكلف بعض المفسرين في ربط الآيات ضمن السورة الواحدة حتى ولم يكن هناك من مبرر ظاهري لإيجاد مثل هذا الترابط ، وذلك انطلاقا من فكرة لزوم أن يكون هناك ترابط فيها ، كما هو الحال في النصوص العلميّة ، الّتي يبدو الترابط المنهجي والمنطقي بين فقراتها وجملها ضروريا ، وإلّا لوقع في التناقض ، ولم ينته إلى النتائج الصحيحة أو المفروضة ، كما لو كان القرآن كتابا منزلا بشكل كامل بينما نعرف من الوحي أنّ القرآن أنزل بشكل متقطع ومتفرق تبعا للحاجات الإنسانية الإسلامية لذلك ، ثمّ جمع بإشراف الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وتوجيهه من خلال المناسبات الّتي تجمع الآيات والله العالم.
* * *
المراد من بهيمة الأنعام
وقد وقع خلاف في تفسير (بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) فقال بعض إنّ المراد بها الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم ، وذكرت كلمة البهيمة للتأكيد ، كما يقال نفس الإنسان ، وقال بعض آخر بأنّها أجنة الأنعام الّتي توجد في بطون أمهاتها إذا أشعرت وقد ذكيت الأمهات وهي ميتة فذكاتها ذكاة أمّاتها وذهب بعض ثالث إلى أنّ المراد بها الوحشي من الأنعام كالظباء وبقر الوحش ونحوها ولكننا نجد الآية عامة غير مخصصة ، حيث تشمل كلمة البهيمة كل ذي أربع