المتعلقة بنفسه أو تلك المتعلّقة بالآخرين.
وثالثها : أنّ المراد بها العقود الّتي يتعاقدها النّاس بينهم ويعقدها المرء على نفسه كعقد الإيمان وعقد النكاح وعقد العهد وعقد البيع وعقد الحلف (١) فتكون الآية واردة للأمر بالوفاء بالالتزامات العقدية ، في العلاقات والمعاملات الحياتية في ما بين النّاس.
ورابعها : أنّ ذلك أمر من الله لأهل الكتاب بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم من العمل بما في التوراة والإنجيل في تصديق نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وما جاء به من عند الله (٢). وبذلك يكون المراد بالّذين آمنوا أهل الكتاب في مقابل المشركين والملحدين ، وهذا بعيد عن المصطلح القرآني.
وما نلاحظه على هذه الأقوال ، أنّها عبارة عن اجتهاد ذاتي في استنطاق الآيات الّتي جاء فيها حضُّ على عدم نقض العهود بما جعلهم يفسرون الآية موضوع الحديث بالخصوصيات الموجودة في تلك الآيات.
وهذا التخصيص لعموم الآية الشامل لجميع العقود لا وجه له بمقتضى دلالة الجمع المعرف باللام على ذلك.
لذا قد تكون واردة على سبيل القاعدة العامة الّتي تشمل كل عقد ، ويبقى ـ بعد ذلك ـ التدقيق في المراد من لفظ العقد ، هل يشمل العهود الّتي يلزم بها الإنسان نفسه كما في الأيمان والنذور والعهود الذاتية ، أو الإيمان الّذي يمثل عهدا يعاهد به الإنسان ربه على العبودية والطاعة ، أو يختص بالعهد القائم بين اثنين في ما يعبر عنه بالتعاقد؟ قد نستوحي من التفسير اللغوي للكلمة بأنّ العقد هو العهد المؤكّد ، إذ إنّ خصوصيّة التبادل في العهد القائم على المقابلة في
__________________
(١) م. س. ، ج : ٣ ، ص : ١٩٠
(٢) م. ن. ، ج : ٣ ، ص : ١٩٠.