قال : نعم ، فأخذه فاستلّه ، ثم جعل يهزّه ويهمّ به ، فبكته الله عزوجل ، ثم قال : يا محمّد ، ما تخافني؟ قال : لا ، قال : ألا تخافني وفي يدي السيف؟ قال : يمنعني الله منك ، ثمّ أغمد السيف وردّه إلى رسول الله صلى الله وعليه واله وسلّم ، فأنزل الله الآية (١).
قال القشيري : «وقد تنزل الآية في قصة ثمّ ينزل ذكرها مرة أخرى لاذّكار ما سبق» كأنّه يريد بذلك الجمع بين الرّوايات بإمكان صحة مضمونها بأجمعها.
* * *
ونلاحظ أنّ سياق الآية وارد في التحدّيات الّتي كانت تواجه المسلمين جميعا في محاولات الأعداء بالهجوم عليهم ، بينما تتحدث الرّوايات عن محاولة العدوان على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحده ، مما يفرض أن يكون الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما ورد في سورة الانفعال : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) [الأنفال : ٣٠].
ثمّ كيف لنا أن نتصوّر النبي محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم يذهب إلى اليهود ـ كما في الرّواية الأولى ـ ليساعدوه في بعض ما ترتب عليه من الدّية باعتبار أنّه أحد أفراد العاقلة ، وهم المعروفون بعداوتهم للإسلام والمسلمين ، وكيف يجلس في انتظار ما يتصدّقون به عليه وهو الموقف الّذي يجعله في موقع الذل من خلال حا جته المادّية إليهم؟
وهكذا ، كيف يمكن أن يعرّض نفسه للخطر بهذه الطريقة الساذجة؟
__________________
(١) أسباب النزول ، ص : ١٠٧.