وجلّ» ، وقال الفراء : قال بعضهم «ويتلوه شاهد منه» الإنجيل وإن كان قبله أي يتلوه في التصديق. (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) رفع بالابتداء. قال أبو إسحاق : المعنى : ويتلوه من قبله كتاب موسى لأن النبي صلىاللهعليهوسلم موصوف في كتاب موسى صلىاللهعليهوسلم (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) [الأعراف : ١٥٧] ، وحكى أبو حاتم عن بعضهم أنه قرأ (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) (١) بالنصب. قال أبو جعفر : النصب جائز يكون معطوفا على الهاء أي ويتلو كتاب موسى (إِماماً وَرَحْمَةً) على الحال.
(أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) (٢٠)
(يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) أي على قدر كفرهم ومعاصيهم (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) (ما) في موضع نصب على أن يكون المعنى بما كانوا كما تقول : جزيته ما فعل وبما فعل وأنشد سيبويه : [البسيط]
٢٠٩ ـ أمرتك الخير فافعل ما أمرت به (٢)
ويجوز أن يكون المعنى : يضاعف لهم العذاب أبدا ، والتقدير في العربية وقت ذلك ويجوز أن تكون «ما» نافية لا موضع لها. قال الفراء : ما كانوا يستطيعون السمع لأنّ الله جلّ وعزّ أضلّهم في اللّوح المحفوظ ، والجواب الرابع عن أبي إسحاق قال : لبغضهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم وعداوتهم له لا يستطيعون أن يستمعوا منه ولا يتفهموا الحجج. قال أبو جعفر : وهذا معروف في كلام العرب أن يقال : فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان إذا كان ذلك ثقيلا عليه. (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) عطف.
(أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢١)
(أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) ابتداء وخبر : ويقال : اللذون ولا يجوز أن يبنى كما يبنى الواحد وفي بنائه أربعة أقوال : قال الأخفش : ضمّت الّذي إلى النون فصار كخمسة عشر ، وقيل : لأنه لا يتم إلّا بصلة ، ولا يعرب الاسم من وسطه ، وقال علي بن سليمان : لأنه يقع لكل غائب ، وقال محمد بن يزيد : لأنه يحتاج إلى ما بعده كالحروف إلّا أنه أنّث وثنّي وجمع لأنه نعت ولم تحرّك ياؤه في موضع النصب لأنه ليس بمعرف ولهذا حذفت في التثنية.
__________________
(١) وهذه قراءة محمد بن السائب الكلبي وغيره ، انظر البحر المحيط ٥ / ٢١١ ، ومختصر ابن خالويه ٥٩.
(٢) مرّ الشاهد رقم (٥١).