(فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) (٧٠)
(فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) هذه لغة أهل الحجاز ، ولغة أسد وتميم «أنكرهم» وقال امرؤ القيس : [الطويل]
٢١٧ ـ لقد أنكرتني بعلبك وأهلها (١)
ويروى للأعشى : [البسيط]
٢١٨ ـ وأنكرتني وما كان الّذي نكرت |
|
من الحوادث إلّا الشّيب والصّلعا (٢) |
(وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) قال سيبويه : وناس من ربيعة يقولون : «منهم» أتبعوها الكسرة ولم يكن المسكّن عندهم حاجزا حصينا. قال أبو جعفر : وقيل : إنما أوجس منهم خيفة لأنه كان يقيم معتزلا في ناحية فخاف أن يكونوا عزموا له على شرّ ، وكان الضّيفان إذا لم يأكلوا فإنما أرادوا شرّا.
(وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) (٧١)
(وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ) ابتداء وخبر ، (فَضَحِكَتْ) قد ذكرناه ، وقيل : إنما ضحكت لأنهم أحيوا العجل بإذن الله عزوجل فلما لحق بأمه ضحكت فلما ضحكت بشروها بإسحاق (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) رفعه من جهتين : إحداهما بالابتداء ويكون في موضع الحال أي بشروها بإسحاق مقابلا له يعقوب ، والوجه الآخر أن يكون التقدير ومن وراء إسحاق يحدث يعقوب ، ولا يكون على هذا داخلا في البشارة ، وقرأ حمزة وعبد الله بن عامر (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) والكسائي والأخفش وأبو حاتم يقدّرون يعقوب في موضع خفض ، وعلى مذهب سيبويه والفراء (٣) ، يكون في موضع نصب. قال الفراء : ولا يجوز الخفض إلّا بإعادة الخافض. قال سيبويه ولو قلت : مررت بزيد أوّل من أمس وأمس عمرو كان قبيحا خبيثا لأنك فرّقت بين المجرور وما يشركه وهو الواو كما تفرّق بين الجارّ
__________________
(١) هذا الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ص ٦٨ ، وعجزه :
«ولا ابن جريج في قربه حمص أنكرا»
(٢) الشاهد للأعشى في ديوانه ١٥١ ، ولسان العرب (نكر) ، وتهذيب اللغة ١٠ / ١٩١ ، وديوان الأدب ٢ / ٢٣٥ ، وأساس البلاغة (نكر) ، وتاج العروس (نكر) و (صلع) ، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٥ / ٤٧٦ ، والمحتسب ٢ / ٢٩٨ ، وتفسير الطبري ١٢ / ٧١.
(٣) انظر الكتاب ١ / ١٤٧ ، ومعاني الفراء ٢ / ٢٢.