من الياء ألف لخفّة الألف والفتحة. (عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ) وقال : سأل قوم عن معنى شدّة حزن يعقوب صلىاللهعليهوسلم فللعلماء في هذه ثلاثة أجوبة : منها أنّ يعقوب صلىاللهعليهوسلم لمّا علم أنّ يوسف عليهالسلام حيّ فندم على ذلك ، والجواب الثالث أبينها وهو أنّ الحزن ليس محظورا وإنما المحظور الولولة وشقّ الثياب والكلام بما لا ينبغي. قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب» (١) وقد بيّن الله جلّ وعزّ بقوله : (فَهُوَ كَظِيمٌ).
(قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ) (٨٥)
(قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) قال الكسائي : يقال : فتأت وفتئت أفعل ذلك أي ما زلت ، وزعم الفراء أنّ «لا» مضمرة وأنشد : [الطويل]
٢٤١ ـ فقلت يمين الله أبرح قاعدا |
|
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي (٢) |
والذي قال حسن صحيح ، وزعم الخليل وسيبويه أنّ «لا» تضمر في القسم لأنه ليس فيه إشكال ، ولو كان موجبا لكان باللام والنون. (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) يقال : حرض وحرض حروضا وحروضة إذا بلي وسقم ، ورجل حارض وحرض إلّا أن حرضا لا يثنّى ولا يجمع ومثله قمن وحري لا يثنيان ولا يجمعان ، وحكى أهل اللغة : أحرضه الهمّ إذا أسقمه ورجل حارض أي أحمق.
(قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨٦)
(قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي) حقيقة البثّ في اللغة ما يرد على الإنسان من الأشياء المهلكة التي لا يتهيّأ له أن يخفيها وهو من بثثته أي فرّقته فسمّيت المصيبة بثّا مجازا.
(يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) (٨٧)
(يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا) أي اذهبوا إلى هذا الذي طلب منكم أخاكم واحتال عليكم في أخذه فسلوه عنه وعن مذهبه.
__________________
(١) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل ٦٢ ، والبخاري في صحيحه ٢ / ١٠٥ ، والبيهقي في سننه ٤ / ٦٩ ، والمتقي في كنز العمال ٤٠٤٧٩ ، والقرطبي في تفسيره ٩ / ٤٢٩ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١ / ٢٩٥.
(٢) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ٣٢ ، والكتاب ٣ / ٥٦٠ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٣٨ ، والخصائص ٢ / ٢٨٤ ، والدرر ٤ / ٢١٢ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٢ ، وشرح التصريح ١ / ١٨٥ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٤١ ، وشرح المفصّل ٧ / ١١٠ ، ولسان العرب (يمين) ، واللمع ٢٥٩ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٣ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ١٠ / ٩٣ ، وشرح الأشموني ١ / ١١٠ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٣٧ ، والمقتضب ٢ / ٣٦٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٨.