(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨) قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ (٨٩) قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (٩٠)
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) أي الممتنع. (مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) فخضعوا له وتواضعوا فرقّ ف (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) قيل : فدلّ بهذا أنهم كانوا صغارا في وقت أخذهم ليوسف عليهالسلام حتى تركوا أخاه منفردا منه لا يقاومهم فتنبّهوا ف (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) على تخفيف الهمزة الثانية ، ويجوز تحقيقهما وأن يدخل بينهما ألفا ، ويجوز «إنك» على الخبر. (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ) الهاء كناية عن الحديث والجملة الخبر ، وكذا الجملة الخبر في قوله جلّ وعزّ : (فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
(قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ) (٩١)
(قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) الأصل همزتان خفّفت الثانية ولا يجوز تحقيقهما. واسم الفاعل مؤثر ، والمصدر إيثار. ويقال : أثرت التراب إثارة فأنا مثير وهو أيضا على أفعل ثم أعلّ ، والأصل أثير قلبت حركة الياء على الثاء فانقلبت الياء ألفا ثم حذفت لالتقاء الساكنين ، وأثرت الحديث على فعلت فأنا آثره. (وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ) من خطىء يخطأ إذا أتى الخطيئة.
(قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٩٢)
(قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) تمّ الكلام ومعنى اليوم الوقت. (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) فعل مستقبل فيه معنى الدعاء.
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) (٩٣)
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) هذا نعت للقميص والقميص مذكّر. فأما قول الشاعر : [الكامل]
٢٤٢ ـ يدعو هوازن والقميص مفاضة |
|
فوق النّطاق تشدّ بالأزرار (١) |
فتقديره والقميص درع مفاضة ، (يَأْتِ بَصِيراً) جواب الأمر. (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ
__________________
(١) الشاهد لجرير في ديوانه ٨٩٧ ، ولسان العرب (قمص) ، وتهذيب اللغة ٨ / ٣٨٧ ، وتاج العروس (قمص) ، وبلا نسبة في كتاب العين ٥ / ٧٠.