تقول : أنت كزيد ، ولا يقول أحد من العرب : أنت كزيدن ، بنون ، وقد اعتلّ النحويون لهذا فقالوا : لا يوقف على التنوين لئلّا يشبه النون التي يقع عليها الإعراب إلّا أنه يجوز الرّوم والإشمام في المرفوع ، والرّوم في المخفوض ، والإسكان في المخفوض أجود ، وأكثر ما جاء في كلام العرب وأشعارها «كائن» من رجل قد رأيته على وزن كاع ، وقرأ بهذه اللغة جماعة من أئمة المسلمين منهم أبي بن كعب وعبد الله بن عباس ومجاهد وابن كثير وأبو جعفر وشيبة والأعرج والأعمش ، وروي عن ابن محيصن وكئن على وزن كعن ، وفعل هذا بهذا الحرف لكثرته في كلامهم ، وقد روي عن الحسن وكاين بغير همز. (وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) ابتداء وخبر أي لا يتفكرون وبيّن أنّهم لا يتفكّرون بقوله جلّ وعزّ (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١٠٦) إذا قيل لهم : من خلقكم وخلق السماوات والأرض؟ قالوا : الله جلّ وعزّ ثم يشركون معه غيره.
(أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٠٧)
(أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) نصب على الحال وأصله المصدر وقال محمد بن يزيد : جاء عن العرب حال بعد نكرة وهو قولهم : وقع أمر بغتة وفجأة. قال أبو جعفر : ومعنى بغتة أصابه من حيث لم يتوقّع.
(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٠٨)
(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) ابتداء وخبر. (أَنَا) توكيد. (وَمَنِ اتَّبَعَنِي) عطف على المضمر. [سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٩]
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٠٩)
(وَلَدارُ الْآخِرَةِ) ابتداء (خَيْرٌ) خبره وزعم الفراء (١) أن الدار هي الآخرة أي أضيف الشيء إلى نفسه ، واحتجّ الكسائي بقولهم : صلاة الأولى : واحتجّ الأخفش بقولهم : مسجد الجامع. قال أبو جعفر : إضافة الشيء إلى نفسه محال لأنه إنما يضاف الشيء إلى غيره ليعرف به ، والأجود الصلاة الأولى لأنها أول ما صلّي حين فرضت الصّلوات. وأول ما أظهر فلذلك قيل لها أيضا : ظهر والتقدير ولدار حال الآخرة خير.
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (١١٠)
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) هذه القراءة البينة عطف على استيأس
__________________
(١) انظر معاني الفرّاء ٢ / ٥٥.