وزعم أن أبا الجراح أنشده إياه بخفض «كلّهم» ، وهذا مما لا يعرج عليه لأن النصب لا يفسد الشعر ، ومن قرأ «في يوم عاصف» بغير تنوين أقام الصفة مقام الموصوف أي في يوم ريح عاصف.
(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) (٢١)
(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) أي من قبورهم ونصب (جَمِيعاً) على الحال. (تَبَعاً) بمعنى ذي تبع ، ويجوز أن يكون جمع تابع. قال علي بن سليمان التقدير سواء علينا جزعنا وصبرنا.
(وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢٢)
(إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) في موضع نصب استثناء ليس من الأول. (وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) بفتح الياء لأن ياء النفس فيها لغتان : الفتح والتسكين إذا لم يكن قبلها ساكن فإذا كان قبلها ساكن فالفتح لا غير ، ويجب على من كسرها أن يقرأ (هِيَ عَصايَ) [طه : ١٨] بكسر الياء ، وقد قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة (بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي) (١) بكسر الياء ـ قال الأخفش سعيد : ما سمعت هذا من أحد من العرب ولا من النحويين ، وقال الفراء : لعلّ الذي قرأ بهذا ظنّ أن الباء تخفض الكلمة كلّها. قال أبو جعفر : فقد صار هذا بإجماع لا يجوز وإن كان الفراء قد نقض هذا وأنشد : [الرجز]
٢٥١ ـ قال لها هل لك يا تافيّ |
|
قالت له ما أنت بالمرضيّ (٢) |
ولا ينبغي أن يحمل كتاب الله جلّ وعزّ على الشّذوذ. ومعنى (بِما أَشْرَكْتُمُونِ) من قبل أنه قد كان مشركا قبلهم ، وقيل : من قبل الأمر.
(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) (٢٦)
(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) ابتداء وخبر ، وأجاز الكسائي والفراء : ومثل
__________________
ـ ٢ / ١١ ، وتذكرة النحاة ص ٥٣٧ ، وشرح شواهد المغني ص ٩٦٢ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٢٨ ، ولسان العرب (زوج) ، ومغني اللبيب ص ٦٨٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٥٥.
(١) انظر البحر المحيط ٥ / ٤٠٨ ، ومعاني القرآن ٢ / ٧٥.
(٢) الشاهد للأغلب العجلي في الخزانة ٢ / ٢٥٧ ، وبلا نسبة في معاني القرآن ٢ / ٧٦ ، والبحر المحيط ٥ / ٤٠٩ ، والمحتسب ٢ / ٤٩.