(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) (١٨)
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) التقدير عند سيبويه (١) والأخفش : وفيما يقصّ عليكم ، وقال الكسائي : إنما مثل أعمال الذين كفروا كرماد ، وقال غيره (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا) مبتدأ. (أَعْمالُهُمْ) بدل منه ، والتقدير : مثل أعمالهم ، ويجوز أن يكون مبتدأ ثانيا كما حكي صفة فلان أنّه أحمر. قال الفراء (٢) ولو قرأ قارئ بالخفض أعمالهم جاز ، وأنشد : [الرجز]
٢٤٨ ـ ما للكمال مشيها وئيدا (٣)
(فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) على النسب عند البصريين بمعنى ذي عاصف ، وأجاز الفراء أن يكون بمعنى في يوم عاصف الريح ، وأجاز أيضا أن يكون عاصف للريح خاصّة ثم يتبعه يوما ، قال : وحكى نحويون : هذا جحر ضبّ خرب (٤). قال أبو جعفر : هذا مما لا ينبغي أن يحمل كتاب الله جلّ وعزّ عليه ، وقد ذكر سيبويه أن هذا من العرب غلط واستدلّ بأنهم إذا ثنّوا قالوا : هذان جحرا ضبّ خربان ؛ لأنه قد استبان بالتثنية والتوحيد ، ونظير هذا الغلط قول النابغة (٥) : [الكامل]
٢٤٩ ـ أمن آل ميّة رائح أو مغتدي |
|
عجلان ذا زاد وغير مزوّد |
زعم البوارح أنّ رحلتنا غد |
|
وبذاك خبّرنا الغراب الأسود |
فلا يجوز مثل هذا في كلام ولا لشاعر نعرفه فكيف يجوز في كتاب الله جلّ وعزّ ثم أنشد الفراء بيتا : [البسيط]
٢٥٠ ـ يا صاح بلّغ ذوي الزّوجات كلّهم |
|
أن ليس وصل إذا انحلّت عرى الذّنب (٦) |
__________________
(١) انظر الكتاب ١ / ١٩٦.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٧٣.
(٣) الرجز للزبّاء في لسان العرب (وأد) ، و (صرف) و (زهق) ، وأدب الكاتب ص ٢٠٠ ، والأغاني ١٥ / ٢٥٦ ، وأوضح المسالك ٢ / ٨٦ ، وجمهرة اللغة ص ٧٤٢ ، وخزانة الأدب ٧ / ٢٩٥ ، والدرر ٢ / ٢٨١ ، وشرح الأشموني ١ / ١٦٩ ، وشرح التصريح ١ / ٢٧١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩١٢ ، ومغني اللبيب رقم (٨١٧) ، وللزباء أو للخنساء في المقاصد النحوية ٢ / ٤٤٨ ، وبلا نسبة في همع الهوامع ١ / ١٥٩ ، ومقاييس اللغة ٦ / ٧٨ ، وكتاب العين ٧ / ١١٦ ، وأساس البلاغة (وأد) ، وبعده :
«أجندلا يحملن أم صديدا»
(٤) انظر الكتاب ١ / ١١٣.
(٥) الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه ٨٩ ، والبيت الأول في الأزهيّة ١١٩ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٣٣ ، والخصائص ١ / ٣٤٠.
(٦) الشاهد لأبي الغريب النصري في خزانة الأدب ٥ / ٩٠ ، والدرر ٥ / ٦٠ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ـ