من هذه الاحتجاجات شيء لأن الأشياء الحسان تقدّمت في باب الأمر ثم جاء النهي فجاء بعده (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) لما نهي عنه ، وقال مكروها ولم يقل : مكروهة لأنه عائد على لفظ كلّ وهو خبر ثان عن المضمر الذي في كان والمضمر مذكّر.
(أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) (٤٠)
(إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً) مصدر فيه معنى التوكيد (عَظِيماً) من نعته.
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً) (٤١)
قال أبو إسحاق : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا) أي ولقد بيّنا. قال : والمعنى (وَما يَزِيدُهُمْ) أي التبيين (إِلَّا نُفُوراً).
(قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) (٤٢)
(لَابْتَغَوْا) لطلبوا.
(سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً) (٤٣)
أي تعاليا ، كما قال : [الوافر]
٢٧١ ـ وليس بأن تتبّعه اتّباعا (١)
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤٤)
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ) على تأنيث الجماعة ويسبح على تذكير الجميع. (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) قد تكلّم العلماء في معناه فقال بعضهم : هو التسبيح الذي يعرف ، وقال بعضهم : هو مخصوص ، وقال بعضهم : تسبيحه دلالته على تنزيه الله جلّ وعزّ وتأوّل (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) على أن مخاطبة للكفار الذين لا يستدلّون ، وقيل : ولكن لا تفقهون مخاطبة للناس وإذا كان فيهم من لا يفقه ذلك فلم يفقهوا. (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً) أي حليما عن هؤلاء الذين لا يستدلّون. (غَفُوراً) لمن تاب منهم.
(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) (٤٥)
قيل : هؤلاء قوم كانوا إذا سمعوا النبي صلىاللهعليهوسلم يقرأ بمكة ليستدعي الناس سبّوه
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٧٧).