فأعلمه الله جلّ وعزّ أنه يحول بينهم وبينه حتى لا يفهموا قراءته. قال الأخفش : «مستورا» أي ساترا ومفعول يكون بمعنى فاعل كما يقال : مشؤوم وميمون أي شائم ويا من لأن الحجاب هو الذي يستر ، وقال غيره : الحجاب مستور على الحقيقة لأنه شيء مغطّى عنهم.
(وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) (٤٦)
(وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) نصب على الحال على أنه جمع نافر ، ويجوز أن يكون واحدا على أنه مصدر.
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً) (٤٧)
(وَإِذْ هُمْ نَجْوى) مبتدأ وخبره والتقدير : ذو نجوى.
(انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) (٤٨)
(انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) أي قالوا مرة هو مخدوع ومرة هو ساحر ليلحقوا بك الكذب ، (فَضَلُّوا) عن سبيل الحق (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) إليه.
(وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (٤٩)
(خَلْقاً) مصدر (جَدِيداً) من نعته. وجديد في المذكّر والمؤنّث بمعنى واحد ، وجديدة في المؤنث لغة رديئة عند سيبويه.
(قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (٥٠) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) (٥١)
(قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) أي توهّموا ما شئتم فلا بدّ من أن تموتوا وتبعثوا. وكانت هذه الآيات من أعظم الدلائل على نبوّة النبي صلىاللهعليهوسلم. قال الله جلّ وعزّ : (فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا) فأخبر جلّ وعزّ بأنّهم سيقولون هذا ، وأخبر أنهم يحرّكون رؤوسهم استبعادا لما قال لهم وأنهم يقولون مع تحريك رؤوسهم أو بعده. (مَتى هُوَ) وتلى عليهم فكان الأمر على ذلك.
(يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً) (٥٢)
(يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) قال سعيد بن جبير : يخرج الناس من قبورهم وهم