يقولون : سبحانك وبحمدك. (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) قيل : إنّهم إنما ظنّوا هذا بعد الحقيقة التي لا بدّ للخلق منها.
(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) (٥٣)
(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي المقالة التي هي أحسن. قال المازني : المعنى : قل لعبادي قولوا يقولوا إنّ الشيطان ينزغ بينهم أي يحرّض الكافرين على المؤمنين.
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) (٥٦)
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ) في الكلام حذف دلّ عليه ما بعده ، والتقدير : قل ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهتكم من دون الله فليكشفوا عنكم الضّرّ وليحوّلوكم من الضيق والشدّة إلى السّعة ودلّ على هذا (فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) أي لن يحوّلوكم من الضيق والشدة إلى السعة والخصب.
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) (٥٧)
(أُولئِكَ) مبتدأ. (الَّذِينَ يَدْعُونَ) من نعته ، والخبر (يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) وفي قراءة ابن مسعود رحمهالله (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ) (١) لأن قبله قل ادعوا ، والتقدير : يبتغون الوسيلة إلى ربهم ينظرون. (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) فيتوسّلون : والفرق بين هؤلاء وبين من توسّل بعبادة المسيح عليهالسلام وغيره أن هؤلاء توسلوا وهم موحّدون وأولئك توسلوا بعبادة غير الله جلّ وعزّ فكفروا و (أَيُّهُمْ) رفع بالابتداء و (أَقْرَبُ) خبره ، ويجوز أن يكون «أيّهم» بدلا من الواو ويكون بمعنى الذي ، والتقدير يبتغي الذي هو أقرب الوسيلة وأضمرت «هو» وسيبويه (٢) يجعل أيّا على هذا التقدير مبنيّة. وهو قول مردود وسنذكر ما فيه إن شاء الله (٣). والذين يدعون من كان مطيعا لله جلّ وعزّ ، والتقدير : يدعونهم آلهة ، وفي الآية قول آخر يكون متصلا بقوله جلّ وعزّ ولقد فضّلنا بعض النبيين على بعض أولئك الذين يدعون أي أولئك النبيون الذين يدعون الله جلّ وعزّ (يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) قال عطاء : أي القربة. قال أبو إسحاق : الوسيلة والسؤال والطلبة واحد. (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) أي الذين يعبدونهم المطيعون يرجون رحمته ويخافون عذابه على الجواب الأول.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٦ / ٥٠.
(٢) انظر الكتاب ٢ / ٤٢٠.
(٣) انظر إعراب الآية ٦٩ ـ سورة مريم.